وقيل : إنّه من الدرج ، أي : سنطويهم في الهلاك ، ونرفعهم عن وجه الأرض ، يقال : طويت فلاناً وطويت أمر فلان ، إذا تركته وهجرته (١) .
وقيل : أي : نقرّبهم إلى الهلاكة ، أو إلى العذاب درجة درجة حتّى يقعوا فيه .
وقيل : معناه كلّما جدّدوا خطيئة جدّدنا لهم نعمة (٢) ، كما هو صريح ما ذكرناه من الأخبار ، ومآله أيضاً إلى بعض ما ذكر ، لاسيّما الأخير .
وما قيل : من أنّ معناه أنّه يستدرجهم إلى الكفر والضلال غير وجيه ؛ لأنّ الآية وردت في الكفّار ، وتضمّنت أنّه يستدرجهم في المستقبل ، فإنّ السين مختصّ بالمستقبل ، ولأنّه جعل الاستدراج جزاءً على كفرهم وعقوبةً ، فلابدّ أن يريد به معنى آخر غير الكفر .
نعم ، قد يتحقّق هذا في الفسّاق من أهل القبلة ؛ ضرورة كون بعض المعاصي مستلزمةً للكفر ، ومنتهيةً إليه ، بل بعضها عين الكفر .
وعلى أيّ تقدير ، التفسير بالهلاكة أولى وأحسن ؛ لأنّ الكفر هو الهلاكة أيضاً ، فتأمّل .
وفي الحديث المشهور ـ الذي مرّ ويأتي أيضاً ـ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «سبعة لعنتهم ولعنهم اللّه وكلّ نبيّ مجاب» ، وعدّ منهم : «المتسلّط في سلطانه بالجبريّة (٣) ليعزّ من أذل اللّه ، ويذلّ من أعزّه اللّه ، والمتكبّر على عباد اللّه ، والمستحلّ من عترة النبيّ صلىاللهعليهوآله ما حرّم اللّه» (٤) .
__________________
(١) انظر : لسان العرب ١٥ : ١٩ ـ مادّة طوي ـ .
(٢) انظر : مجمع البيان ٢ : ٥٠٤ .
(٣) في «م» و«ش» : بالجبروت .
(٤) المعجم الكبير ١٧ : ٤٣ / ٨٩ ، مجمع الزوائد ١ : ١٧٦ ، كنز العمّال ١٦ : ٩٠ / ٤٤٠٣٨ ، وفيها بتفاوت في بعض الألفاظ .