فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ) (١) » .
قال عليهالسلام : «وأمّا ما نسبه منه إلى نبيّه على ظاهر اللفظ ، كقوله : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ) (٢) ، معناه : ووجدناك في قوم لا يعرفون نبوّتك فهديناهم بك» .
ثمّ قال عليهالسلام : «وأمّا الضلال المنسوب إلى اللّه تعالى الذي هو ضدّ الهدى ، والهدى هو البيان ، مثل قوله تعالى : ( فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ ) (٣) ، أي : بيّنّا لهم» .
وبسط الكلام عليهالسلام إلى أن قال : «فإنّه لمّا أقام لهم الإمام الهادي لما جاء به النبيّ المنذر فخالفوه ، ولمّا بيّن لهم ما يأخذون وما يذرون فخالفوه ، ضلّوا» إلى أن قال عليهالسلام :
«فحرّفوا دين اللّه ، وبدّلوا أحكامه ، وعدلوا عمّن اُمروا بطاعته ، واضطرّهم ذلك إلى استعمال الرأي والقياس ، فزادهم ذلك حيرةً والتباساً ، فكان تركهم اتّباع الدليل الذي أقام [ اللّه (٤) ] لهم ضلالةً لهم ، فصار ذلك كأنّه منسوب إليه تعالى لمّا خالفوا أمره في اتّباع الإمام».
وقال : «ثمّ إنّهم افترقوا واختلفوا ، ولعن بعضهم بعضاً ، واستحلّ بعضهم دماء بعض ، فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال ، فأنّى يؤفكون؟ !» (٥) .
أقول : وعلى هذا ، فمعنى ما مرّ من قوله تعالى : ( مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٨٢ .
(٢) سورة الضحى ٩٤ : ٧ .
(٣) سورة فصّلت ٤١ : ١٧ .
(٤) أضفناها من البحار ٩٣ : ١٤ ـ ١٥ .
(٥) نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار ٥ : ٢٠٨ / ٤٨ ، و٩٣ : ١٣ ـ ١٥ .