القبيل ، لا كما توهّمه الجبريّة (١) والمشبّهة (٢) ، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً .
وهذا هو «الأمر بين الأمرين» (٣) الوارد عن أهل البيت المصطفين الأخيار ، وأخبارهم كلّها تنطبق على هذا ، بل الآيات أيضاً تستقيم على هذا بأدنى معونة تلوح في كلّ موضع على المتأمّل الصادق ، فتأمّل ولا تغفل عن عدم تنافي هذا [مع (٤) ] سائر ما ورد عن أهل البيت عليهمالسلام عن معنى الضلال في بعض الآيات ، كما مرّ شيء من ذلك ؛ لعدم لزوم الورود في جميع المواضع بمعنى واحد ، وأهل البيت أدرى بما في البيت .
نعم ، مهما لم يصل إلينا معنى منهم حملناه على هذا لئلاّ يشتبه على بعض الجهّال فيقعوا في الضلال ، ولأجل هذا أيضاً ذكرنا هاهنا هذا المرام وإن لم يكن مقام بسط هذا الكلام ، فتفطّن .
وفي الحديث أنّ اللّه عزوجل يقول : «لولا أن يجد عبدي المؤمن في
__________________
(١) المجبّرة أو الجبريّة : فرقة ظهرت أوائل الحكم الاُموي منادية : أنّ الإنسان مجبور في جميع شؤونه ، ولا حول ولا قوّة ولا اختيار ، ولا قدرة له مؤثّرة ولا كاسبة ، وكلّ ما يصدر منه بمشيئة البارئ تعالى وإرادته ، حاله حال الماء الجاري على وجه الأرض .
انظر : كتاب الردّ على المجبّرة للقاسم الرسّي (ضمن رسائل العدل والتوحيد) : ٣٠٣ ، التمهيد لقواعد التوحيد للماتريدي : ٩٧ / ١٢٨ ، كشّاف اصطلاحات الفنون ١ : ٥٥١ وهامشه .
(٢) المشبّهة أو الحلوليّة : فرقة شبّهوا البارئ عزوجل بالمخلوقات ، ومثّلوه بالحادث على اختلاف في الطريقة ، منهم مشبّهة الحشويّة والكراميّة ، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً .
انظر : العدل والتوحيد للقاسم الرسّي (ضمن رسائل العدل والتوحيد) : ٢٦٠ ، اُصول الدين للبغدادي : ٣٣٧ ، التبصير في الدين : ١١٩ ، كشّاف اصطلاحات الفنون ٢ : ١٥٤٥ .
(٣) التوحيد للصدوق ٣٦٢ / ٨ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٤ / ١٧ ، الاحتجاج ٢ : ٣٩٧ / ٣٠٤ .
(٤) إضافة يقتضيها السياق .