نفسه لعصّبت الكافر بعصابة من ذهب» (١) .
أقول : وهذا معنى ما مرّ من قوله تعالى : ( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ ) (٢) الآية ، فإنْ معناه : ولولا أن يرغبوا في الكفر إذا رأوا الكفّار في سعة وتنعّم ، لحبّهم الدنيا فيجتمعوا عليه لجعلنا . . . إلى آخره .
وفي الخبر عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام : «لم يكن من وُلد آدم مؤمن إلاّ فقيراً ، ولا كافر إلاّ غنيّاً ، حتّى جاء إبراهيم عليهالسلام ، فقال : ( رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) (٣) ، فصيّر اللّه تعالى في هؤلاء أموالاً وحاجة ، وفي هؤلاء أموالاً وحاجة» (٤) .
وفيه : أنّ عمر بن الخطاب قال : دخلت على النبيّ صلىاللهعليهوآله في مشربة اُمّ إبراهيم (٥) ، وإنّه لمضطجع على خصفة (٦) وإنْ بعضه على التراب ، وتحت
__________________
(١) علل الشرائع : ٦٠٤ / ٧٤ باب ٣٨٥ نوادر العلل .
(٢) سورة الزخرف ٤٣ : ٣٣ .
(٣) سورة الممتحنة ٦٠ : ٥ .
(٤) الكافي ٢ : ٢٠٢ / ١٠ (باب فضل فقراء المسلمين) ، بحار الأنوار ٧٢ : ١٢ / ١٢ .
(٥) المشربة : بفتح الميم وفتح الراء وضمّها : الغرفة ، ومنه مشربة اُمّ إبراهيم عليهمالسلام ، وإنّما سمّيت بذلك لأنّ إبراهيم ابن النبيّ صلىاللهعليهوآله ولدته اُمّه فيها .
انظر : مجمع البحرين ٢ : ٨٩ .
واُمّ إبراهيم هي مارية القبطيّة مولاة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، واُمّ ولده إبراهيم ، أهداها واُختها سيرين لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله المقوقس صاحب الإسكندريّة ومصر ، فوهب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله سيرين لحسّان بن ثابت .
توفّيت سنة ١٦ هـ في خلافة عمر .
انظر : الاستيعاب ٤ : ١٩١٢ / ٤٠٩١ ، اُسد الغابة ٦ : ٢٦١ / ٧٢٦٨ .
(٦) الخصفة ـ محرّكة ـ الجُلّة تُعمل من الخُوص للتمر ، والثوب الغليظ جدّاً .
انظر : القاموس المحيط ٣ : ١٨٠ ، والنهاية ٢ : ٣٧ ـ خصف ـ .