وفي الحديث أيضاً : «إنّ اللّه تعالى يخصّ أولياءه بالمصائب ؛ ليأجُرهم عليها من غير ذنب» (١) .
وسئل الصادق عليهالسلام عن قوله تعالى في حكاية الشيطان : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) الآية ، فقال : «لا يسلّط الشيطان من المؤمن على دينه ، ولكن قد يسلّط منه على بدنه ، وقد سلّط على أيّوب عليهالسلام فشوّه خلقه» (٣) .
أقول : لعلّ المراد من المؤمن فيه : الكامل الموقن ، كالأنبياء ، والأوصياء ، والراسخين في الدين ، ويحتمل شموله كلّ مؤمن بصميم قلبه . وعلى هذا إذا صدر من مدّعي الإيمان ما يدلّ على خلافه ، فهو قرينة عدم اتّصافه ابتداءً بالإيمان من صميم القلب وإن لم يستشعر هو به أيضاً .
وهذا هو أيضاً معنى ما ورد من قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّ اللّه تعالى يبتلي المؤمن بكلّ بليّة ، ولا يبتليه بذهاب عقله» إلى أن قال : «أما ترى أيّوب كيف سُلّط إبليس على ماله ، وعلى ولده ، وعلى كلّ شيء منه ولم يسلّط على عقله ، تُرك له ليوحّد اللّه به» (٤) إذ دلالته لائحة على أنّ الشيطان لا تسلّط له على قلب المؤمن ؛ ولهذا يُرى بعض من يذهب كمال عقله من المؤمنين بحيث يُعدّ من المجانين ثابتاً على ما هو من لوازم الإيمان ، فافهم .
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٢٦ / ٢ (باب نادر أيضاً) ، وسائل الشيعة ١٦ : ٨٥ / ٢١٠٥١ .
(٢) سورة النحل ١٦ : ٩٩ .
(٣) الكافي ٨ : ٢٨٨ / ٤٣٣ ، تفسير العيّاشي ٣ :٢٢ / ٢٤٢٥ ، بتفاوت يسير .
(٤) الكافي ٢ : ١٩٩ / ٢٢ (باب شدّة ابتلاء المؤمن) ، مستدرك الوسائل ٢ : ١٤٥ / ١٦٥٦ ، وفيهما عن أبي عبداللّه عليهالسلام .