بل يستفاد منهما معنى ما في رواية ثالثة أيضاً من أنّه صلىاللهعليهوآله قال : «هم المستمسكون بما أنتم عليه اليوم» (١) ؛ لأنّ الصحابة ذلك اليوم كانوا على محض اقتفاء أفعال النبيّ صلىاللهعليهوآله وأقواله ، والتزام أوامره ونواهيه ، وإنّما أحدثوا ما أحدثوا بعده ، ولا شكّ أنّ ذلك كان إقامة السنّة ، وأنّ الجاري بعده على ذلك المنوال في غاية القلّة ، فافهم .
وقد مرّ غير مرّة قول الإمام عليهالسلام : «إنّ رواة الكتاب كثير ، ورعاته قليل ، وكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب» (٢) ، الخبر .
ونعم ما قيل : «إذا رأيت العالم كثير الأصدقاء ، فاعلم أنّه مخلّط ؛ لأنّه إن نطق بالحقّ ، أبغضوه» (٣) .
ولهذا أيضاً قال عليهالسلام : «العالم حقّاً هو الذي تنطق عنه أعماله الصالحة» (٤) .
وبمعناه كلام ابن مسعود ، حيث قال : اُنزل القرآن ليُعمل به ، فاتّخذتم دراسته عملاً (٥) .
أقول : وصدق كلامه ظاهر على من تأمّل فيما ذكره مفسّروهم في تفاسيرهم ، فإنّها محشوّة من النكات اللفظيّة ، والقواعد الاصطلاحيّة وأمثالها ممّا هو في جانب عن الإيصال إلى كنه الأسباب الاُخروية ، وعلى من لاحظ
__________________
(١) كنز العمّال ١ : ٢٣٩ / ١١٨٩ ، قريب منه ، ولم نعثر على نصّه فيما توفر لدينا من المصادر .
(٢) الكافي ١ : ٣٩ / ٦ (باب النوادر) ، منية المريد : ٣٧٠ ، مستطرفات السرائر : ١٥٠ / ٦ بحار الأنوار ٢ : ٢٠٦ / ٩٨ ، بتفاوت يسير .
(٣) فيض القدير ٤ : ٢٧٤ .
(٤) مصباح الشريعة : ١٤ ، بحار الأنوار ٢ : ٣٢ / ٢٥ .
(٥) إحياء علوم الدين ١ : ٦٤ .