وروى (١) عن أنس ، عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ما تجرّع عبد قطّ جرعتين أحبّ إلى اللّه من جرعة غيظ ردّها بحلم ، وجرعة مصيبة يصبر الرجل لها» (٢) ، الخبر .
ورووا أيضاً : أنّ زكريّا عليهالسلام لمّا هرب من كفّار بني اسرائيل واختفى في الشجرة فعرفوا ذلك ، فجيء بالمنشار فنشرت الشجرة حتّى بلغ المنشار إلى رأس زكريا ، فأنّ أنّةً فأوحى اللّه تعالى إليه : «يا زكريّا ، لئن صعدت منك أنّةٌ ثانية لأمحونّك من ديوان النبوّة» ، فعضّ زكريّا عليهالسلام على الصبر حتّى قطع بشطرين (٣) .
وفي صحيـح البخاري ، وصحيحي الترمذي وابن ماجة ، ومسنـد ابن حنبل : عن ابن عمر ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لم يخالطهم ، ولا يصبر على أذاهم» (٤) .
وفي كتاب ابن سعد (٥) مرسلاً : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان أصبر الناس على
__________________
(١) في «ن» و«س» : رووا .
(٢) إحياء علوم الدين ٤ : ١٣٢ .
(٣) إحياء علوم الدين ٤ : ١٣٣ ، وفيه : «على إصبعه» بدل «على الصبر» .
(٤) سنن الترمذي ٤ : ٦٦٢ / ٢٥٠٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٣٨ / ٤٠٣٢ ، مسند أحمد ٢ : ١٣٤ / ٥٠٠٢ ، و٦ : ٥٠٢ / ٢٢٥٨٧ ، الأدب المفرد للبخاري: ١٤٠ / ٣٩٠ ، فيها بتفاوت يسير . ولم نعثر عليه في صحيح البخاري .
(٥) هو محمّد بن سعد بن منيع الزهري ، يكنّى أبا عبداللّه ، كان كثير الحديث والرواية ، وصحب الواقدي المؤرّخ زماناً ، فكتب له ، وروى عنه ، وعرف بكاتب الواقدي ، وأ لّف كتبه من تصنيفات الواقدي ، له كتب ، منها : الطبقات الكبرى ، وأخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولد بعد سنة ١٦٠ هـ ، وقيل : ١٦٨ هـ ، ومات سنة ٢٣٠ هـ .