والخذف (١) ، ولعبهم بالحمام ، وضرب الدفوف ، وشرب الخمور ، وقصّ اللحية ، وطول الشارب ، والصفير ، والصفيق ، ولباس الحرير ، وتزيدها اُمّتي : إتيان النساء بعضهنّ بعضاً» (٢) .
وروى السيوطي أيضاً ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «إنّ اللّه عزوجل بعثني رحمة للناس كافة ، فأدّوا عنّي رحمكم اللّه ، ولا تختلفوا كما اختلف الحواريّون على عيسى عليهالسلام ، فإنّه دعاهم إلى مثل ما أدعوكم إليه ، فأبى من قرب مكانه فكرهه ، فشكى عيسى عليهالسلام ذلك إلى اللّه تعالى ، فأصبحوا وكلّ رجل منهم يتكلّم بلسان القوم الذين وجّه إليهم» (٣) ، الخبر .
وكأنّ المراد أنّهم لمّا لم يتّفقوا على محض متابعة عيسى عليهالسلام ، وكرهوا الاقتصار على ما أتاهم به ، أوقع اللّه بينهم الاختلاف ، فأنتم أيضاً كذلك إن لم تكتفوا على ما جئت به فتشركوا به مقتضيات آرائكم ، وفيه دلالة على عدم حسن حال جميع الحواريّين ، فلا تغفل.
وستأتي في الباب الآتي أخبار متواترة في ذمّ الاختلاف ومتابعة الآراء ، وإنّ ذلك الذي يوقع في الضلال ، وأنّ مناط حسن الحال وسوئه في هذه الاُمّة وسائر الاُمّم جميعاً ، إنّما هو الاقتصار على التمسّك بمحكمات الكتاب وثابتات السنّة ، وعدمه بإدخال الرأي وأمثاله ، حتّى في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : «إنّما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ، ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض ، وإنّما كتاب اللّه
__________________
(١) الخذف بالحصى : الرمي به بالأصابع .
انظر : الصحاح ٤ : ١٣٤٧ ، مجمع البحرين ٥ : ٤٢ ـ مادة خذف ـ .
(٢) تاريخ مدينة دمشق ٥٠ : ٣٢٢ ، وحكاه عنه السيوطي في جامع الأحاديث ٦ : ١٧٤ / ١٤١٣٨ .
(٣) جامع الأحاديث ٢ : ٤٧٢ / ٦٧٠٠ ، وفيه «فأَمَّا» بدل «فأبى» .