ثمّ ذكر من ذلك الآية المذكورة بطولها كما مرّت في أوّل الكتاب ، ثمّ قال : إنّهم أوّلوها بالملك دون النبوّة ، وذكر جواباً شافياً عن ذلك ، ثمّ قال : ومن العجيب أنّ في التوراة : إنّ الأسباط من بني إسرائيل كانوا يراجعون علماء القبائل من بني إسماعيل ، ويعلمون أنّ عندهم علماً لدنّيّاً لم يشتمل التوراة عليه ، حتّى كانوا يسمّونهم آل اللّه ، أي : أهل اللّه (١) .
أقول : تأمّل في هذا حتّى تعرف التشابه فيه أيضاً ، حيث إنّ المخالفين ـ كما يأتي ـ معترفون بأمثال هذه الكمالات في أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ) (٢) ، ويجدون دلالة بعض الآيات على إمامتهم ، ومع هذا يؤوّلونها بتأويلات غير مستقيمة ، فافهم .
وكذلك لمّا ارتحل عيسى عليهالسلام أوصى إلى شمعون الصفا ، وأودعه الأسرار والعلوم والكتب السابقة والإنجيل ، وكان هو أفضل الحواريّين علماً وزهداً وورعاً وأدباً ، فشوّش أمره من أدخل نفسه في أمره (٣) .
قال الشهرستاني في الملل والنحل : إنّ قولوس هو الذي شوّش أمر شمعون ، وصيّر نفسه شريكاً له ، وغيّر أوضاع علمه ، وخلطه بكلام الفلاسفة ووسواس خاطره (٤) .
وبالجملة : لمّا صاروا كذا بقي الإنجيل أيضاً متفرّقاً متشتّتاً بيد الحواريّين ، حتّى ضاع كثير منه إلى أن تصدّوا لجمعه ، فجمع أربعة رجال منهم ، كلّ واحد إنجيلاً .
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٢ ـ ٢١٣ .
(٢) من صحفة ٤٠٩ هامش (٣) إلى هنا بياض في «ن» .
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢١ .
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢١ ، وفيه : (فولوس) بدل (قولوس) .