الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) (١) (٢) .
قال : وإنّهم يعنون بالكلمة : اُقنوم (٣) العلم ؛ لأنّهم أثبتوا للّه تعالى أقانيم ثلاثة ، ويعنون بالأقانيم : الصفات كالوجود والحياة والأب والابن ، وروح القدس ، ويقولون : إنّه سبحانه واحد بالجوهرية ، ثلاثة بالاُقنومية ، يعني تلك الصفات المذكورة ، وقالوا : إنّ العلم تدرع وتجسد دون سائر الصفات .
قال : وسبب هذه كلّها أنّهم رأوا في الإنجيل إطلاق الابن على المسيح ، والأب على اللّه ، فزعموا أنّ ذلك على الحقيقة ولم يعلموا أنّ ذلك من باب المجاز في اللغة ، كما يقال لطالب الدنيا : ابن الدنيا ، ولطالب الآخرة : ابن الآخرة ، وكما يقال : الأب على المربّي ، والكامل ، والمعلّم ونحوهم ؛ ولهذا ورد في الإنجيل : أبوكم أيضاً .
ثمّ قال : وفي النصارى من قال بحشر الأرواح دون الأجساد ، وقال : إنّ عاقبة الأشرار في القيامة غمّ وحزن الجهل ، وعاقبة الأخيار سرور وفرح العلم ، وأنكر أنْ يكون في الجنّة نكاح وأكل وشرب (٤) .
أقول : لا يخفى على من له اطّلاع بمذاهب الصوفيّة والغُلاة أنّها موافقة لهذه المذاهب ، بل أخذوها من هؤلاء .
ثمّ قال الشهرستاني عند نقل مذهب النسطورية : إنّ نسطور الحكيم تصرّف في الأناجيل بحكم رأيه ، وإضافته إلى النصارى إضافة المعتزلة إلى
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٧٢ .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٥ .
(٣) الأُقنوم : واحد الأقانيم ، وهي الاُصول ، وهي كلمة روميّة .
انظر : الصحاح ٥ : ٢٠١٦ ـ قنم ـ .
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢٣ .