هذه الشريعة ، وذكر أنّه قال بأنّ الأقانيم ليست زائدة على الذات، ولا هي هو .
ثمّ قال : وأشبه المذاهب بمذهب نسطور في الصفات أحوال أبي هاشم (١) من المعتزلة ، وذكر وجهه بما لا نطيل الكلام ببيانه .
ثمّ قال : ومن النسطورية قوم قالوا : إذا اجتهد الرجل في العبادة ، وترك التغذّي باللحم والدسم ، ورفض الشهوات الحيوانيّة والنفسانيّة يصفو جوهره حتّى يبلغ ملكوت السماوات ، ويرى اللّه جهراً ، وينكشف له ما في الغيب فلا تخفى عليه خافية (٢) .
أقول : لا يخفى أنّ هذا بعينه قول جماعة من الصوفية وأكثر براهمة الهند وأمثالهم .
قال : ومن النسطورية أيضاً من ينفي التشبيه ويثبت القول بالقدر كما قالت القدرية ، ثمّ قال : ولهم أقوال اُخَر أيضاً ، وكلّها كفر وضلال (٣) .
وذكر جماعة : أنّ في النصارى كان قوم تبعاً لأوصياء عيسى عليهالسلام ، ولم يقولوا فيه ، غير أنّه كان عبداً صالحاً للّه تعالى واصطفاه اللّه وجعله رسولاً إلى بني إسرائيل ، وأوجب عليهم طاعته وطاعة أوصيائه من بعده . ولم يرتضوا بتلك الأقوال ولم يعبأوا بها (٤) .
أقول : لا يخفى أنّ هذا هو مذهب الإماميّة في هذه الاُمّة ، كما سيأتي
__________________
(١) هو عبدالسلام بن محمّد بن عبدالوهّاب ، يكنّى أبا هاشم الجبّائي ، المتكلّم المشهور ، كان هو وأبوه أبو عليّ الجبّائي من كبار المعتزلة ، سكن بغداد إلى أن مات ، ولد سنة ٢٧٧ هـ ، ومات سنة ٣٢١ هـ .
انظر : الفهرست لابن النديم ٢٢٢ ، تاريخ بغداد ١١ : ٥٥ / ٥٧٣٥ ، وفيات الأعيان ٣ : ١٨٣ / ٣٨٣ ، سير أعلام النبلاء ١٥ : ٦٣ / ٣٢ .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ .
(٣) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٥ .
(٤) انظر : الفصل في الملل والأهواء ١ : ٤٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٢٥ .