أذهب في حاجتي فإنّي قد ركبت فإذا جئت حدّثتك» فقال : أسألك بقرابتك من رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لما حدّثتني .
قال : فنزل ، فقال له سفيان : مُر لي بدواة وقرطاس حتّى اُثبته فيه ، فدعا به ، ثمّ قال :
«اكتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، خطبة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في مسجد الخيف : نضّر اللّه عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم تبلغه ، يا أيّها الناس ، ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل للّه ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم ، المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمّتهم أدناهم» .
فكتبه سُفيان ، ثمّ عرضه عليه وركب أبو عبداللّه عليهالسلام وجئت أنا وسُفيان ، فلمّا كنّا في بعض الطريق قال لي : كما أنت حتّى أنظر في هذا الحديث ، فقلت له : قد واللّه ، ألزم أبو عبداللّه رقبتك شيئاً لا يذهب من رقبتك أبداً ، فقال : وأيّ شيء ذلك ؟ فقلت له : ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرىءٍ مسلم : إخلاص العمل للّه ، قد عَرفناه ، والنصيحة لأئمّة المسلمين» ، مَن هؤلاء الأئمّة الذين تجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان (١)
__________________
(١) هو يكنّى أبا عبدالرحمن ، هو اللعين ابن اللعين على لسان رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في سبعة مواطن ، ولي الحكومة عشرين سنة إلاّ شهراً ، وهو الذي نصب لواء العداوة لعليّ عليهالسلام وأشاع لعنه في الناس ، واُمّه هند بنت عتبة بن ربيعة آكلة الأكباد أحوالها مشهورة ، وهلك بـ : دمشق سنة ٦٠ .
انظر : الخصال : ٣٩٧ / ١٠٥ ، الكنى والألقاب ١ : ٨٥ ، الطبقات لابن سعد ٧ : ٤٠٦ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٤٩ ، تاريخ الطبري ٥ : ٢٧٩ ، مروج الذهب ٣ : ٣ ، تاريخ بغداد ١ : ٢٠٧ / ٤٨ ، المنتظم لابن الجوزي ٥ : ٢٤٣ .