الخلق إمامة مفترضة ولا طاعة ولا ذمّة ، وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء اللّه تعالى :
يا هذا ، يرحمك اللّه إنّ اللّه تعالى لم يخلق الخلق عبثاً ، ولا أهملهم سدىً ، بل خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً ، ثمّ بعث إليهم النبيّين عليهمالسلام مبشّرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتاباً ، وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة ، والبراهين الباهرة ، والآيات الغالبة ، فمنهم من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً ، ومنهم من كلّمه تكليماً ، وجعل عصاه ثعباناً مبيناً ، ومنهم من أحيا الموتى بإذن اللّه وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن اللّه ، ومنهم من علّمه منطق الطير واُوتي من كلّ شيء .
ثمّ بعث محمّداً صلىاللهعليهوآله رحمةً للعالمين ، وتمّم به نعمته ، وختم به أنبياءه ، وأرسله إلى الناس كافّة ، وأظهر مِن صدقه ما أظهر ، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن .
ثمّ قبضه إليه حميداً فقيداً سعيداً ، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحدٍ ، أحيا بهم دينه ، وأتمّ بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمّهم [ . . .] فرقاً بيّناً يُعرف به الحُجّة من المحجوج ، والإمام من المأموم ، بأن عصمهم من الذنوب وبرّأهم من العيوب وطهّرهم من الدنس [ . . . ]وجعلهم خزّان علمه ومستودع حكمته وموضع سرّه ، وأيّدهم بالدلائل . ولولا ذلك لكان الناس على سواء ، ولادّعى أمر اللّه كلّ أحد ،