اللّه ، فإنّي لم أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وآثار علم النبوّة من العقب من ذرّيّتك إلى يوم القيامة ، ولن أدع الأرض إلاّ وفيها عالم يُعرف به ديني وتعرف به طاعتي ، ويكون نجاة لِمَن يولد فيما بينك وبين نوح عليهالسلام ، وبشّر آدم بنوح عليهالسلام ، فقال : إنّه باعث نبيّاً اسمه نوح ، وإنّه يدعو جهاراً إلى اللّه عزّ ذكره ، ويكذّبه قومه فيهلكهم اللّه بالطوفان . وكان بين آدم ونوح عشرة آباء كلّهم أنبياء وأوصياء ، وأوصى آدم إلى هبة اللّه : أنّ من أدرك نوحاً عليهالسلام منكم فليؤمن به وليتّبعه ، فإنّه ينجو من الغرق .
ومرض آدم عليهالسلام مرضه الذي مات فيه ، ولمّا قُبض آدم هبط جبرئيل وأرى هبة اللّه كيف يغسّل أباه ، فغسّله حتّى إذا بلغ الصلاة عليه ، قال هبة اللّه : يا جبرئيل ، تقدّم فصلّ على آدم ، فقال له جبرئيل : إنّا اُمرنا أن نسجد لأبيك آدم وهو في الجنّة فليس لنا أن نؤمّ شيئاً من ولده ، فتقدّم هبة اللّه فصلّى على أبيه وجبرئيل خلفه مع جنود من الملائكة .
ثمّ إنّ هبة اللّه لمّا دفن أباه أتاه قابيل فقال له : إنّي قد رأيت أبي آدم قد خصّك من العلم بما لم اُخصّ به أنا ، وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتُقبّل قربانه ، وإنّما قتلتُه ؛ لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي ، فإنّك إن أظهرت من العلم الذي اختصّك به أبوك شيئاً قتلتك ، كما قتلت هابيل .
فلبث هبة اللّه والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة ، حتّى بعث اللّه نوحاً عليهالسلام ، وظهرت وصيّة هبة اللّه حين نظروا في وصيّة آدم عليهالسلام ، فوجدوا نوحاً عليهالسلام نبيّاً قد بشّر به آدم عليهالسلام ، فآمنوا به وصدّقوه واتّبعوه ، وقد كان آدم عليهالسلام وصّى هبة اللّه أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة فيكون يوم عيدهم