فقال سلمان : وكيف عرفت رسول اللّه يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه ؟ فأقبلت على رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وهو يتلألأ ويشرق وجهه نوراً وسروراً ، فقلت : يا رسول اللّه ، إنّ قسّاً كان ينتظر زمانك ، ويتوكّف إبّانك ، ويهتف باسمك واسم أبيك واُمّك وبأسماء لست اُصيبها معك ، ولا أراها فيمن اتّبعك .
قال سلمان : فأخبرنا .
وفي رواية الكلبي بعد نقل الأشعار :
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الأيادي ؟ فقلت : كلّنا نعرفه يا رسول اللّه ، غير أنّي من بينهم عارف بخبره وواقف على أثره ، فقال سلمان : فأخبرنا.
قال : فأنشأت اُحدّثهم ورسول اللّه صلىاللهعليهوآله يسمع والقوم سامعون واعون ، فقلت : يا رسول اللّه ، لقد شهدت قسّاً وقد خرج من نادٍ من أندية أياد ، وهو مشتمل على نجاد ، فوقف في إضحيان ليلٍ كالشمس رافعاً إلى السماء وجهه وإصبعه ، فدنوت منه فسمعته يقول : اللّهم ربّ السموات الأرقعة ، والأرضين الممرعة بحقّ محمّد والثلاثة المحامدة معه ، والعليّين الأربعة ، وسبطيه المنيعة (١) الأرفعة الفرعة ، السَري الألمعة ، وسميّ الكليم الضرعة ، والحسن ذي الرفعة ، اُولئك النقباء الشفعة ، والطريق المهيعة ، دَرَسة الإنجيل ، وحفظة التنزيل على عدد النقباء من بني إسرائيل ، مُحاة الأضاليل ، ونُفاة الأباطيل ، والصادقوا القيل ، فهم أوّل البداية ، وعليهم تقوم الساعة ، وبهم تنال الشفاعة ، ولهم من اللّه فرض الطاعة ، اسقنا غيثاً مغيثاً .
ثمّ قال : اللّهمّ ليتني مدركهم ولو بعد لأي من عمري ومحياي .
__________________
(١) في هامش النسخ : النبعة .