يدلّ على عدم اعتبار ظنّ كثير الشك ، إذ دلّت على أنّه لا يلتفت كثير الشك إلاّ إذا استيقن يقينا فلا يعبأ بظنّه.
ب : المرجع في معرفة الكثرة العرف ، وفاقا للفاضل والشهيدين (١) ، وأكثر المتأخّرين (٢) ، بل مطلقا كما قيل (٣) ، لأنه المحكّم فيما لم يرد به بيان من الشرع ولا تعيين من اللغة.
وأمّا صحيحة ابن أبي حمزة : « وإذا كان الرجل يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن يكثر عليه السهو » (٤).
فليست فيها مخالفة للعرف ، إذ كلّ من لا يسلم كلّ ثلاث صلوات متتالية منه من سهو فهو كثير السهو عرفا قطعا. وصدقه على غير ذلك ـ كمن يسهو في ثلاث واحدة أو ثلاثين متكررا ـ غير ضائر ، إذ ليست في الصحيحة دلالة على الحصر.
ولا يتوهّم أنّ مفهومها يدلّ عليه ، لعدم اعتبار المفهوم فيه ، إذ مقتضى منطوقه أنّ ما ذكر فيه بعض أفراد من يكثر عليه السهو ، فيكون له بعض أفراد أخر أيضا هو ممّن لم يكن كذلك ، فلو اعتبر فيه المفهوم لزم التناقض. مع أنّا نعلم قطعا عدم انحصار كثير السهو في ذلك ، فعلى اعتبار المفهوم لا بدّ من ارتكاب تجوّز في قوله : « ممّن يكثر عليه السهو » بإرادة من يكون له حكم كثير السهو ، أو إرادة نوع خاصّ من كثير السهو ، وهو الّذي أراده الشارع ، وليس ذلك بأولى من التجوّز بعدم اعتبار المفهوم ، فلا يعلم معارض للمنطوق.
وأمّا ردّ الحديث بالإجمال وتعدّد الاحتمال فليس بجيد ، لكونه ظاهرا فيما
__________________
١٦ ح ٥.
(١) الفاضل في التذكرة ١ : ١٣٦ ، الشهيد الأول في الذكرى : ٢٢٢ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣٣٩.
(٢) كالفيض في المفاتيح ١ : ١٨٠ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٦.
(٣) في الرياض ١ : ٢٢١.
(٤) الفقيه ١ : ٢٢٤ ـ ٩٩٠ ، الوسائل ٨ : ٢٢٩ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٧.