ومخالفة من ذكر ـ سيّما في بعض الكتب بعد الموافقة في سائر كتبه (١) ـ لا تقدح في الإجماع.
مع أنّ المخالفة في الخلاف أيضا غير معلومة ، بل صرّح الشيخ فيه بعد نقله الروايتين الأولى البطلان ، والثانية البناء وجعله الأول أحوط ، بأنّ الّذي أعمل وافتي به هو الاولى (٢).
ولا ينافيه جعلها أحوط أوّلا ، لأنّ الاحتياط ـ والمراد تحصيل البراءة اليقينيّة ـ عنده دليل شرعي. ولذا استدلّ على ما أفتى به في الخلاف بتيقّن البراءة ، ولذا تراه كالسيد وتابعيه يستدلّون على مذاهبهم بطريقة الاحتياط.
ومن هذا يظهر حال المبسوط أيضا ، لتصريحه فيه بأحوطيّة البطلان (٣) ، بل السيد أيضا ، لذلك.
هذا مع عدم مطابقة الروايتين الأوليين للدعوى ، لأنّها في صورة سبق الحدث بغير اختيار ، ومدلولهما الحدث اختيارا ، حيث أمر بالانصراف وقضاء الحاجة. ولو لم تحملا على ذلك يكون عدم المطابقة أظهر ، لأنّ الغمز وأخويه ليس إحداثا.
والثلاثة الأخيرة أخصّ ، لورودها قبل التشهّد الأخير خاصّة. ولا إجماع مركب ، لأنّ الصدوق قد أفتى في الفقيه بمضمونها (٤). وقوّاه المحدّث المجلسي في البحار حتى في صورة العمد أيضا (٥) ، وكذا والد شيخنا البهائي في شرح الألفيّة.
وهذا قول ثان مخالف للمشهور ، وهو الفرق بين ما بعد السجدة الأخيرة وبين ما قبلها ، فالبناء في الأوّل ، والإعادة في الثاني.
ودليله ما مرّ ، وجوابه قد ظهر ، سيّما أنّ الموافقة للعامّة هنا أشدّ وأظهر ،
__________________
(١) كما في الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨٥ ، والاقتصاد : ٢٦٤.
(٢) الخلاف ١ : ٤١٢.
(٣) المبسوط ١ : ١١٧.
(٤) الفقيه ١ : ٢٣٣ ذيل الحديث ١٠٣٠.
(٥) البحار ٨١ : ٢٨٢.