تقديم الفائتة كما اختاره أكثر المتأخرين القائلين بعدم الترتب (١)؟ أو الحاضرة كما عن الصدوقين (٢) ، ومال إليه بعض المتأخرين (٣)؟.
والتحقيق أنّه قد ورد الأمر بكلا الأمرين في الفريقين من الروايات ، ويشتركان في عمومات الأمر بالاستباق والمسارعة إلى الخيرات.
ومزية تقديم الحاضرة بالأخبار الغير العديدة من الصحاح وغيرها الدالّة على أفضلية أول الوقت ، والمرغّبة للتعجيل إلى الصلاة في أوائل أوقاتها وأنّها رضوان الله ، إنّما كانت مفيدة لو لا معارضتها مع ما مرّ من تقديم الفائتة من الظواهر في الرجحان أو الوجوب ، وأدلّة الاحتياط. واشتهار رجحان تقديم الفائتة ـ لو كانت ـ شهرة في الفتوى ، وهي ليست من المرجّحات المنصوصة.
فلو لا موافقة أخبار تقديم الفائتة لروايات العامة وفتاوى أكثرهم ـ التي هي من موجبات مرجوحيّة الخبر نصا وفتوى ـ لكانت وظيفتنا الحكم بتساوي الأمرين ، لا بمعنى أنّه الحكم واقعا ، بل لكونه حكم من لم يظهر له ترجيح أحد الطرفين. ولكن الموافقة المذكورة تمنعنا عن الحكم المذكور ، ويترجّح عندنا رجحان تقديم الحاضرة لأجل ذلك.
وأمّا ما يستفاد من كلام بعض مشايخنا من توهّم الإجماع على رجحان تقديم الفائتة (٤).
فليس بشيء ، إذ مذهب أكثر من تقدّم من القائلين بعدم الترتب لنا غير معلوم ، فكيف يمكن دعوى الإجماع فيه ، سيّما مع مخالفة مثل الصدوقين صراحة؟!.
ب : لو قلنا بفورية القضاء يحرم تركها قطعا ، ويكون جميع أضداد القضاء
__________________
على الفائتة ، كما نبّه عليه الشهيد الثاني (ره) في روض الجنان : ١٨٩.
(١) كالعلامة في المنتهى ١ : ٤٢١ ، والشهيدين في اللمعة والروضة ١ : ٣٤٥.
(٢) المقنع : ٣٢ ، الفقيه ١ : ٢٣٢ ، وحكاه عن والده في المختلف : ١٤٤.
(٣) المحقق السبزواري في الذخيرة : ٢١٣.
(٤) انظر : الرياض ١ : ٢٢٦.