ولا يبعد صدق الردّ عليه بالتسليم مع الإشارة المفهمة له بالإصبع أو الرأس ، فيكون كافيا كذلك مطلقا.
ولا تنافيه رواية ابن القدّاح ، لأنّ المستفاد من تعليلها أنّ المطلوب إفهام المسلّم ، وهو يحصل بذلك ، فإن لم يمكن ذلك أيضا سقط وجوب الردّ.
هذا في غير المصلّي ، وأمّا هو فالمشهور فيه أيضا وجوب الإسماع ، لما ذكر.
وعن المحقّق والأردبيليّ ـ طاب ثراهما ـ عدمه (١) ، لصحيحة منصور المتقدّمة (٢) ، وموثّقة الساباطيّ : « إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة تردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ، ولا ترفع صوتك » (٣).
وتدلّ عليه صحيحة محمّد الثانية (٤) ، حيث تضمّنت قوله « وأشر بأصابعك » فإنّه لو كان جهرا لما احتاج إلى ذلك.
وردّ بالحمل على التقيّة ، لأنّ عدم وجوب ردّ المصلّي نطقا مذهب أكثر العامّة (٥).
وهو كان حسنا لو كان وجوب الإسماع ثابتا. وأمّا على ما ذكرنا من وجوب الإفهام ، فلا داعي للحمل عليها ، بل يسلّم خفيّا ، ويشير بالإصبع ـ كما في صحيحة محمّد ـ تحصيلا للتفهيم. إلاّ أنّه لا يجب ذلك ، كما حكي عن الفاضلين المذكورين ، لقصور الروايات عن إفادة الوجوب ، حتّى الصحيحة الأخيرة الآمرة بالإشارة ، لعدم وجوب خصوص هذه الإشارة إجماعا.
هـ : المشهور بين الأصحاب أنّ وجوب الردّ في الصلاة وغيرها فوريّ ، إذ هو المتبادر من الردّ ، ومقتضى الفاء الدالة على التعقيب بلا مهلة في الآية.
__________________
(١) المحقق في المعتبر ٢ : ٢٦٤ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.
(٢) في ص : ٦٨.
(٣) الفقيه ١ : ٢٤٠ ـ ١٠٦٤ ، التهذيب ٢ : ٣٣١ ـ ١٣٦٥. الوسائل ٧ : ٢٦٨ أبواب قواطع الصلاة ب ١٦ ح ٤.
(٤) المتقدمة في ص : ٦٧.
(٥) انظر : بداية المجتهد ١ : ١٨١ ، والمغني ١ : ٧٤٧.