انتهى (١).
أقول : ما ذكره البعض من كفاية العلم والإرادة فإن أراد العلم والإرادة المتحققين للصلاة الأصلية حتى يكون مراده كفاية الاستدامة الحكمية ، فقد عرفت في المباحث السالفة أنّ تحققها فرع عدم نية المنافي ، وهي هنا بالتسليم قد تحققت ، فلا يفيد العلم والإرادة السابقان. وإن أراد العلم والإرادة المتجدّدين حين صلاة الاحتياط فهو عين النية ولا يريد منها.
إلاّ أن يكون غرضه عدم الاحتياج إلى ضمّ القربة. وبطلانه ظاهر ، لأنّه إن أراد كفاية قصد القربة المتقدم فليقل به في العلم والإرادة أيضا. وإن أراد عدم الحاجة إلى قصد القربة مطلقا ففساده ظاهر.
وليست النّية المتجدّدة متردّدة بين الفرض والنافلة ، بل ينوي الفريضة البتة ، نعم ورد في الأخبار أنّ مع تمامية الصلاة يحسب تلك نافلة ، لا أنّ المصلي ينويها.
وليست هذه الصلاة مع الأصل صلاة واحدة ، لتخلّل التسليم بينهما.
وأما ما ذكره بعض مشايخنا من اعتضاد إطلاق الأخبار لذلك وكذا خلوّ أكثر العبارات ففيه : أنّ ذلك موكول إلى الظهور ، فإنّ الأمر بالصلاة يكفي عن الأمر بجميع ذلك ، لظهور جزئيتها لها ، ولذا لم يتعرّض في أوامر الصلوات الكثيرة الواجبة أو المستحبة لشيء منها.
ومنها : أنّه تجب فيها قراءة الفاتحة ، على الأظهر الأشهر ، كما صرّح به جماعة من المتأخرين (٢) ، لأنّها صلاة منفردة ، كما يظهر من الأخبار ، ولا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب. وانصراف الأخبار إلى الأفراد الشائعة إنّما هو في الإطلاق دون العمومات ، مع أنّ صلاة الاحتياط ليست بأندر من كثير مما يستدلّون بذلك فيه.
ولأصالة الاشتغال ، فإنّ وجوب أحد الأمرين من الفاتحة والتسبيح ثابت
__________________
(١) الحدائق ٩ : ٣٠٢.
(٢) انظر : كفاية الأحكام : ٢٦ ، والبحار ٨٥ : ٢١١ ، والحدائق ٩ : ٣٠٧ ، والرياض ١ : ٢١٩.