النصّ ، وأمّا إذا كان مستنده الإجماع فلا وجه للرجوع إلى العرف قطعا (١).
أقول : يمكن أن يكون الثابت بالإجماع هو مصداق هذا اللفظ ، فيجب تعيين معناه بالعرف. ولكن البيان في إثبات ذلك ، فإنّ كلام أكثر القدماء خال عن ذكر الفعل الكثير. نعم ذكر جماعة منهم خصوص بعض الأفعال ، والثابت بالإجماع ليس إلاّ هذا المدلول في الجملة.
واخرى : بأنّ العادة المحكوم بالرجوع إليها إن كان المراد بها ما يرادف العرف العامّ ففساده واضح ، إذ لا اطّلاع لغير المتشرعة على ذلك. وإن كان المراد بها عرف المتشرّعة فهو فرع ثبوته ، وهو في حيّز المنع لو أريد بهم العلماء خاصّة ، لاختلافهم في الكثير المبطل ، ومعه لا تتحصّل الحقيقة ، وكذا لو أريد بهم العوام مع أنّهم ليسوا المرجع في شيء (٢).
أقول : يمكن أن يقال : إنّ المراد العرف العامّ. ولا فساد فيه ، إذ لا شكّ أنّ للفعل الكثير في العرف العامّ معنى ، ولا حاجة في تعيين معناه إلى علمهم بالإبطال أيضا.
فإن قيل : الكثير له معنى بنفسه ، ومعنى بالنسبة إلى غيره ، كما أنّه يقال : في القدر حنطة كثيرة ، إذا كان فيه نصف منّ ، ولا يقال : في البيت حنطة كثيرة ، إلاّ إذا كان فيه ألف منّ مثلا ، ولا يقال في البلد إلاّ إذا كان أضعاف ذلك بكثير ، وكذا المال الكثير بالنسبة إلى الأشخاص ، ونحو ذلك.
ولا شكّ أنّ الأوّل ليس منضبطا في حدّ خاصّ وأنّ أهل العرف لا يفهمون من الحنطة الكثيرة قدرا معيّنا ، والثاني ـ وهو الكثير بحسب كلّ شيء ـ فيلاحظ هنا بالنسبة إلى الصلاة ، ولا شكّ أنّ الفعل الكثير بحسب الصلاة لا يعيّن إلاّ بعد العلم بالصلاة وشرائطها ، ولا اطّلاع للعرف العامّ في ذلك ، وإنّما يعلمها المتشرعة.
__________________
(١) الرياض ١ : ١٧٩.
(٢) الرياض ١ : ١٧٩.