إلاّ أنّ بعض هؤلاء صرّح بأفضليّة المسجد وأحوطيّته (١) ، وظاهرها عدم تعيّن المسجد ، وصرّح الأخير بأنّ جواز الإحرام من الموضع كلّه ممّا لا يكاد يدفع (٢).
ويدفعه ما سبق ذكره من تصريح الصحيحين وغيرهما : بأنّ ذا الحليفة هو مسجد الشجرة ، والأمر في طائفة من الأخبار المتقدّمة بالإحرام منها ، وأنّها التي وقّتها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، المؤيّدة بعمل الأكثر ، بل الإجماع المحكيّ عن الناصريّات والغنية (٣) ، وبروايات غير ما ذكر أيضا ، كصحيحة ابن سنان : « من أقام بالمدينة ـ وهو يريد الحجّ ـ شهرا أو نحوه ، ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة ، فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستّة أميال فليحرم منها » (٤) ، وقريبة منها صحيحته الأخرى (٥).
وكذا لا تنافي ما ذكرناه صحيحة عبيد الله الحلبي المتقدّمة ، حيث قال : « فإذا خرج من المسجد وسار واستوت به البيداء حين يحاذي الميل الأول أحرم » (٦).
حيث إنّ ظاهرها جواز الإحرام من خارج المسجد ، كما فهمه صاحب الذخيرة (٧) ، لأنّ هذا إنّما هو إذا أريد من الإحرام معناه الحقيقي ،
__________________
(١) كما في الدروس ١ : ٣٤٠.
(٢) جامع المقاصد ٣ : ١٥٨.
(٣) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٤.
(٤) الفقيه ٢ : ٢٠٠ ـ ٩١٣ ، الوسائل ١١ : ٣١٨ أبواب المواقيت ب ٧ ح ٣.
(٥) الكافي ٤ : ٣٢١ ـ ٩ ، التهذيب ٥ : ٥٧ ـ ١٧٨ ، الوسائل ١١ : ٣١٧ أبواب المواقيت ب ٧ ح ١.
(٦) الفقيه ٢ : ١٩٨ ـ ٩٠٣ ، الوسائل ١١ : ٣٠٨ أبواب المواقيت ب ١ ح ٤.
(٧) الذخيرة : ٥٧٦.