البحث الثالث
في بعض الأحكام المتعلّقة بالإحرام
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : لا إحرام مع إحرام عمدا ، أي لا ينعقد إحرام عمدا ما لم يتحلّل عن الإحرام الأول ، لأصالة عدم المشروعيّة ، واختصاص إطلاقات كلّ إحرام بغير المحرم ، فإنّها كلّها واردة في إحرام المحلّ ، ولم يشرّع إحرام مع آخر ، فهو كالإحرام لصلاة قبل الخروج عن الأخرى ، ومع ذلك هو موضع وفاق كما حكي عن ظاهر المنتهى (١) ، وفي الذخيرة : أنّه لا أعرف فيه خلافا بين الأصحاب (٢).
ومقتضى ذلك : أنّه لو أحرم أحد قبل التحلّل عن الآخر بطل الثاني ويمضي على الأول مطلقا عمدا كان ذلك أو نسيانا ، فهو الأصل في المسألة.
وعلى هذا ، فلو أحرم المتمتّع بالحجّ قبل تمام العمرة يلزمه أن يكون إحرامه بالحجّ باطلا ويمضي على عمرته ، فإذا تمّت يحرم للحجّ ثانيا إن كان وقته باقيا ، وتصير عمرته حجّة مفردة إن لم يكن باقيا وكان إحرامه للحجّ عمدا ، إذ مع النسيان له إنشاء إحرامه متى يذكر ، كما مرّ في آخر بحث المواقيت ، فإنّ ذلك بعينه هو من ترك الإحرام نسيانا.
ولكنهم قالوا في متمتّع أحرم بالحجّ قبل التقصير للعمرة بصحّة عمرته
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٦٨٥.
(٢) الذخيرة : ٥٨٢.