وجوب الحجّ بالبذل ، وهي أقوى وأكثر ، فيرجع إلى عمومات وجوب الحجّ والاستطاعة العرفيّة (١).
وأمّا نفقة العيال ، فصريح الأصحاب اشتراط وجودها له ، ولا يخفى أنّ إثباته من أدلّة استثنائها مشكل ، لأنّ سبيلها سبيل أدلة استثناء الكفاية.
نعم ، يمكن إثبات اشتراطها بإيجاب نفيه لتضيّع العيال الموجب للعسر والحرج المنفيين ، وعلى هذا فلو كان المبذول له من لا يقدر على نفقة العيال ولا يتكفّلهم يتّجه القول بعدم اشتراط وجودها.
المسألة الثامنة : لو استأجره أحد للمعونة على السفر أو لتعليم فيه أو نحوهما بما يكفي لنفقة الحجّ والعيال أو شرطهما له ، فلا شكّ في الوجوب بعد القبول وتحقّق الإجارة ، ويجزئ عن حجّة الإسلام.
ولا يرد : أنّ الوصول إلى تلك الأماكن قد وجب بالإجارة دون أفعال الحجّ ، فلا يتداخل الواجبان.
لأنّ الوصول إليها مقدّمة الحجّ لا نفسه ، ولا تجب عليه بالإجارة أفعاله ، ومقدّمة الشيء لا يجب إيقاعها على وجه كونه لذلك الشيء ، مع أنّ عدم التداخل ممنوع كما يأتي.
وهل تجب إجابة المستأجر وقبول الإجارة قبل القبول ، أم لا؟
المصرّح به في كلام الأكثر : الثاني (٢) ، لأنّه مقدّمة الواجب المشروط ، وتحصيلها غير واجب.
والحقّ : الأول ، إذا كان ما استؤجر له ممّا لا يشقّ عليه ويتمشّى منه ، لصدق الاستطاعة ، ولأنّه نوع كسب في الطريق ، وقد مرّ وجوبه على مثله ،
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ١.
(٢) كما في الحدائق ١٤ : ١٠٨.