المسألة السابعة والعشرون : لو عيّن الموصي الأجرة ، وكانت بقدر لا يرغب فيها أجير أصلا ، بطلت الوصيّة بالحجّ قطعا ، لبطلان التكليف بغير الممكن.
وهل تبقى الوصيّة بالقدر المعيّن من المال بحالها مطلقا ، فيكون كمجهول المالك ، فيصرف في وجوه البرّ ، كما اختاره في الشرائع والمنتهى (١) ، بل جعله في المدارك المشهور بين الأصحاب (٢)؟
أو يعود ميراثا مطلقا ، كما اختاره في المدارك (٣)؟
أو الأول إن طرأ القصور لعارض ، والثاني إن قصرت الأجرة ابتداء ، كما حكي عن المحقّق الثاني (٤) ، واستوجهه ثاني الشهيدين أيضا (٥)؟
أحسنها : أوسطها ، لأنّ الأصل في مال الميّت الثابت بالعمومات والإطلاقات (٦) : الانتقال إلى الوارث ، إلاّ ما تعلّق به دين أو وصيّة ، والوصيّة قد بطلت هناك بعدم إمكان الإتيان بها ، فلا وجه لعدم الانتقال.
احتج الأول : بأنّ هذا القدر من المال قد خرج عن ملك الورثة بالوصيّة النافذة ، ولا يمكن صرفها في الطاعة التي عيّنها الموصي ، فيصرف إلى غيرها من الطاعات ، لدخوله في الوصيّة ضمنا.
ويرد عليه : منع تحقق الوصيّة النافذة ، لأنّ النفوذ فرع الإمكان ، وإذ ليس فليس ، وإمكان الطاعة الأخرى لا يفيد ، لعدم كونها موصى بها ،
__________________
(١) الشرائع ١ : ٢٣٥ ، المنتهى ٢ : ٨٧٤.
(٢) المدارك ٧ : ١٥٠.
(٣) المدارك ٧ : ١٥١.
(٤) حكاه عنه في المدارك ٧ : ١٥١ وانظر جامع المقاصد ٣ : ١٤٨.
(٥) المسالك ١ : ٩٩.
(٦) الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١.