أقول : لا يخفى أن المستفاد من تلك الأخبار بكلّيتها : أنّ الجدال هنا هو اليمين ، فلا محيص عن القول به ورفض قول من جعل الجدال مطلق الخصومة على ما هو مقتضى اللغة وإن لم ينقل به قائل.
ولا يشترط مسبوقيّتها بالخصومة ، كما حكي عن السيّد الإجماع عليه (١) ، لإطلاق الأخبار. واستفادة ذلك من الصحيحة الثالثة لأبي بصير ـ كما قيل (٢) ـ ضعيفة ، إذ مدلولها اشتراط عدم كون اليمين في الإكرام ، لا اشتراط كونها في الخصومة.
نعم ، يشترط عدم كونها في الإكرام وطاعة الله ، كما هو المحكيّ عن الإسكافي والفاضل والجعفي (٣) ، لتلك الصحيحة ، وبها تقيّد الأخبار المطلقة. ولا فرق بين كونها في المعصية أو غيرها ، للإطلاق.
ولا يضرّ آخر تلك الصحيحة ، إذ لم يقيّد فيه بما كان في المعصية ، بل بما كانت فيه المعصية ، وكلّ ما لم يكن في الطاعة كانت فيه المعصية بالتقريب المتقدّم.
ومنه يظهر خروج ما توقّف عليه استنقاذ الحقّ أو دفع الدعوى الباطلة عن الجدال ، كما حكي عن الشهيدين (٤) وغيرهما من المتأخّرين (٥) ، لخروجه عن المعصية بأدلّة نفي الضرر.
وكذا يشترط كونها حلفا بالله ، للأخبار المتقدّمة الحاصرة لها بقول : لا والله ، و : بلى والله ، المؤيّدة بالمصرّحة بعدم كون « لعمري » جدالا.
__________________
(١) الإنتصار : ٩٥.
(٢) انظر الرياض ١ : ٣٧٦.
(٣) حكاه عنهم في الدروس : ١ ـ ٣٨٧ ، وهو في المختلف : ٢٧١.
(٤) الشهيد في الدروس ١ : ٣٨٧ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٣٦٢.
(٥) كصاحبي المدارك ٧ : ٣٤٢ ، الحدائق ١٥ : ٤٦٩.