وإنّما الكلام في أنّه هل هو حرام مطلقا من غير استثناء فرد منه ، أو يحرم في الجملة ـ يعني : أنّه يحرم بعض أفراده ـ إمّا لاستثناء بعض آخر بدليل أو لاختصاص تحريم الغناء ببعض أفراده؟
فالمستفاد من كلام الشيخ في الاستبصار : الثاني ، حيث قال ـ بعد نقل أخبار حرمة الغناء وكسب المغنّية ـ : الوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا يتكلّم بالأباطيل ، ولا يلعب بالملاهي والعيدان وأشباهها ، ولا بالقصب وغيره ، بل كان ممّن يزفّ العروس ويتكلّم عندها بإنشاد الشعر ، والقول البعيد عن الفحش والأباطيل .. وأمّا ما عدا هؤلاء ـ ممّن يتعيّن لسائر أنواع الملاهي ـ فلا يجوز على حال ، سواء كان في العرائس أو غيرها (١). انتهى.
وهو ظاهر الكليني ، حيث ذكر كثيرا من أخبار الغناء في أبواب الأشربة (٢) ، لاشتماله على الملاهي وشرب المسكر. ويظهر من كلام صاحب الكفاية أيضا أنّ صاحب الكافي لا يحرّم الغناء في القرآن (٣).
ومحتمل الصدوق ، كما يظهر من تفسيره للمرسلة الآتية (٤) ، بل والده في الرسالة (٥) ، حيث عبّر فيها بمثل ما عبّر في الرضويّ الآتي بيانه.
بل ذكر صاحب الكفاية في كتاب التجارة ـ بعد نقل كلام عن الشيخ أبي عليّ الطبرسي في مجمع البيان ـ : إلاّ أنّ هذا يدلّ على أنّ تحسين الصوت بالقرآن والتغنّي به مستحبّ عنده ، وأنّ خلاف ذلك لم يكن معروفا
__________________
(١) الاستبصار ٣ : ٦٢.
(٢) الكافي ٦ : ٤٣١.
(٣) الكفاية : ٨٦.
(٤) الفقيه ٤ : ٤٢ ـ ١٣٩.
(٥) حكاه عنه في المقنع : ١٥٤.