وإذ لا مرجّح فالعمل على الأصل المقطوع به ، وهو جواز إعانة الظالم وقضاء حوائجه في غير المحرّم ، لخروج المحرّم عن مطلقات الإعانة بالإجماع وضرورة العقل .. ولكن مقتضى ذلك عدم رجحانه استحبابا أو وجوبا ، بل يختصّ الرجحان بغير الظالم ، وهو كذلك ، ويلزمه عدم رجحان إعانة العاصي لله ، بل من صدرت عنه معصية ولم [ يتب ] (١) ، لصدق الظالم عليه لغة وإطلاقه عليه في غير موضع من الكتاب العزيز.
واختصاص بعض الأخبار (٢) بالظالمين من خلفاء الجور لا يخصّص غيره ، ويؤكّده الحثّ على بغض الفسّاق ، والأمر بالبغض في الله ، والنهي عن مجالسة أهل المعصية في أخبار كثيرة (٣).
وأمّا من تاب عن ذنب فهو كمن لا ذنب له ، ضرورة إعانة النبيّ والأئمّة لمن سبق كفره وعصيانه بعد رجوعه ، ومحبّتهم له ومصادقتهم إيّاه ، فمثله خارج عن مطلقات النهي عن إعانة الظالم قطعا ، فيدخل في معارضها بلا معارض ، ومثله من لم يعلم صدور ظلم ومعصية منه ، لعدم العلم بصدق الظالم.
وهل يلحق بهما من لم يعلم بالقرائن ركونه إلى الذنب من أهل العصيان ، واحتملت في حقه التوبة؟
فيه إشكال من حيث دلالة الأخبار على وجوب عدم اتّهام المسلم في أمر دينه ، والتوبة أمر واجب من الدين ، ومن جهة أنّ ما يدلّ على خروج التائب عن الظالم ـ من معاملة المعصومين مع أصحابهم ـ لم تعلم دلالته
__________________
(١) في النسختين يثبت ، والظاهر ما أثبتناه.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٧ أبواب ما يكتسب به ب ٤٢.
(٣) الوسائل ١٢ : ٢٧ أبواب أحكام العشرة ب ١٥.