ولم أعثر إلى الآن على حجّة واضحة دافعة للأصل.
وما ذكره بعضهم ـ من أنّ المستفاد من الظواهر : أنّ حكم تصرّف الجائر في الأراضي الخراجيّة حكم تصرّف الإمام العادل ـ غير مسلّم ، ولو سلّم فإنّما هو في الجملة.
فوجوب منعها عن الجائر مع التمكّن أظهر ، وفي بعض الروايات تأييد له أيضا ، كما في رواية علي بن عطيّة المذكورة في باب شراء السرقة والخيانة ومتاع السلطان ، المانعة من إعطاء قيمة الأرز لابن أبي هبير (١) ، ورواية علي بن يقطين (٢) المصرّحة : بأنّه كان يجبي أموال الشيعة علانية ويردّ عليهم سرّا ، وأمّا بدون التمكّن فهو أمر آخر.
وأمّا الثاني ـ وهو جواز الأخذ من الجائر بعد أخذه من المالك قهرا ، أو لكونه متديّنا بدين الجائر ـ فالظاهر عدم الخلاف بل الإجماع فيه في الجملة ، بل في المسالك والتنقيح وشرح القواعد للمحقّق الثاني ورسالته الخراجيّة دعوى الإجماع عليه (٣) ، وهو الحجّة في المقام ، وإلاّ فالأخبار التي استدلّوا بها لا تخلو عن مناقشة في الدلالة ، مع أنّ ما يمكن إتمام دلالتها ـ ولو بقطع النظر عن بعض الاحتمالات ـ لا يثبت أزيد ممّا يثبته الإجماع ، وهو جواز شراء هذه الثلاثة من الجائر في الجملة.
بل الظاهر وقوع الإجماع على جواز الأخذ في الجملة ، سواء كان
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٣٣٧ ـ ٩٣٦ ، الوسائل ١٧ : ٢١٨ أبواب ما يكتسب به ب ٥٢ ح ٢ ، وفيهما : هبيرة ، بدل : ابن أبي هبير.
(٢) الكافي ٥ : ١١٠ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٣٥ ـ ٩٢٧ ، الوسائل ١٧ : ١٩٣ أبواب ما يكتسب به ب ٤٦ ح ٨.
(٣) المسالك ١ : ١٦٨ ، التنقيح ٢ : ١٩ ، جامع المقاصد ١ : ٢٠٧ ، انظر رسالة قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج ( رسائل المحقق الكركي ١ ) : ٢٧٦.