وقد يؤيّد أيضا بصحيحة أبي بصير : قلت له : الرجل يأتيه النبط بأحمالهم فيبيعها لهم بالأجر ، فيقولون له : أقرضنا دنانير ، فإنّا نجد من يبيع لنا غيرك ولكنّا نخصّك بأحمالنا من أجل أنّك تقرضنا ، قال : « لا بأس ، إنّما يأخذ دنانير مثل دنانيره » (١) الحديث.
وهو حسن في نفي الحرمة فيما إذا التمس البدوي من الحاضر ويعرضه عليه ، ولذا نفاها كثير من المحرّمين في هذه الصورة ، بل ظاهر أكثر القائلين بالكراهة انتفاؤها حينئذ أيضا ، وهو كذلك ، لعمومات استحباب قضاء حوائج الناس (٢). وتعارضها مع ما ذكر غير ضائر ، إذ لو رجّحنا الأول بالأشهريّة والأكثريّة وموافقة السنّة والكتاب فهو ، وإلاّ فيرجع إلى الجواز الأصلي. لا للصحيحة ، لعدم منافاة نفي البأس للكراهة. ولا لأنّه لو لا ذلك لم تجز السمسرة بحال ، وقد قال في الدروس : لا خلاف في جواز السمسرة في الأمتعة المجلوبة من بلد إلى بلد (٣) ، كما في شرح القواعد (٤) ، لأنّ الكلام في المجلوبة من القرى والبادية دون البلد ، فإنّ بيع الحضري فيها جائز مطلقا كما هو ظاهر الأكثر ، للأصل ، واختصاص روايات المنع (٥) بغيرها ، وأكثرها وإن اختصّت بالبدوي ، ولكن ذكر القرى في رواية يونس (٦) كاف للتعدّي إلى القروي أيضا بملاحظة التسامح في أدلّة
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢٠٣ ـ ٤٦١ ، وج ٧ : ١٥٧ ـ ٦٩٥ ، الوسائل ١٨ : ٣٥٦ أبواب الدين والقرض ب ١٩ ح ١٠.
(٢) الوسائل ١٦ : ٣٥٧ و ٣٦٣ و ٣٦٥ أبواب فعل المعروف ب ٢٥ و ٢٦ و ٢٧.
(٣) الدروس ٣ : ١٨٢.
(٤) جامع المقاصد ٤ : ٥٢.
(٥) الوسائل ١٧ : ٤٤٤ أبواب آداب التجارة ب ٣٧.
(٦) المتقدمة في ص : ٣٣.