الأشربة الحرام ، وما يكون منه وفيه الفساد محضا ولا يكون منه ولا فيه شيء من وجوه الصلاح ، فحرام تعليمه وتعلّمه والعمل به وأخذ الأجرة عليه وجميع التقلّب فيه من جميع الحركات كلّها ، إلاّ أن تكون صناعة قد تتصرّف إلى بعض وجوه المنافع » (١).
وضعف بعض تلك الأخبار بالشهرة منجبر ، ومقتضى إطلاقها ـ كإطلاق الفتاوى ـ حرمة بيعها مطلقا ، سواء قصد به المنفعة المحرّمة أو منفعة محلّلة ، وفي المسالك نفى البعد عن الجواز في الثاني ، وقال : إلاّ أنّ هذا الفرض نادر ، وقد يجعل ندوره سببا لإخراجه عن الإطلاقات (٢).
أقول : وفي الندور مطلقا منع ، فإن الدفّ يمكن الانتفاع به في كثير ممّا ينتفع فيه بالغربال ونحوه ، لحفظ المتاع ونقل الغلاّت ونحوها ، وكذا الجوز.
والتحقيق : أنّ الإجماع ـ الذي هو أحد الأدلّة ـ تحقّقه فيما يقصد كثيرا فيه المنفعة المحلّلة وشاعت فيه هذه ـ كالجوز والدفّ ـ غير معلوم ، وانجبار الأخبار الغير المعتبرة بالنسبة إليه غير ثابت أيضا ، ودلالة المعتبرة فيها على إطلاق الحرمة وحرمة المطلق حتى ما شاعت فيه بهذا القصد غير واضحة ، بل الإجماع على خلافه في الجملة واضح كما في الجوز ، فالجواز بهذه القصد فيما شاع فيه ذلك أظهر.
وأمّا ما لا يقصد منه ذلك إلاّ نادرا ، فإن قلنا بخروجه عن تلك
__________________
(١) تحف العقول : ٢٤٥ ـ ٢٥٠ ، الوسائل ١٧ : ٨٥ أبواب ما يكتسب به ب ٢ ح ١ ، بتفاوت يسير.
والبربط : شيء من ملاهي العجم يشبه صدر البط ، معرّب بربت ، أي : صدر البط ، لأنّ الصدر يقال له بالفارسية : بر ، والضارب به يضعه على صدره ـ مجمع البحرين ٤ : ٢٣٨.
(٢) المسالك ١ : ١٦٥.