ويصليان الظهر مثلا فى يوم الجمعة ازدادت قوة الاثبات. وهكذا تكبر قوة الاثبات حتى تصل إلى درجة كبيرة عندما نعرف أن ذلك السلوك كان سلوكا عاما يتبعه جمهرة المتدينين فى عصر التشريع ، إذ يبدو من المؤكد حينئذ أن سلوك هؤلاء جميعا لم ينشأ عن خطأ أو غفلة أو تسامح ، لان الخطأ والغفلة أو التسامح قد يقع فيه هذا أو ذاك ، وليس من المحتمل أن يقع فيه جمهرة المتدينين فى عصر التشريع جميعا.
وهكذا نعرف أن السلوك العام مستند إلى بيان شرعى يدل على إمكان إقامة الظهر فى يوم الجمعة ، وعدم وجوب الخمس فى الميراث. وهى فى الغالب تؤدى إلى الجزم بالبيان الشرعى ضمن شروط لا مجال لتفصيلها الان.
ومتى كانت كذلك فهى حجة ، وأما إذا لم يحصل منها الجزم فلا اعتبار بها لعدم الدليل على الحجية حينئذ.
وهذه الطرق الثلاث كلها مبنية على تراكم الاحتمالات وتجمع القرائن.
( الرابع ) خبر الواحد الثقة ونعبر بخبر الواحد عن كل خبر لا يفيد العلم ، وحكمه أنه إذا كان المخبر ثقة اخذ به وكان حجة وإلا فلا ، وهذه الحجية ثابتة شرعا لا عقلا لانها لا تقوم على أساس حصول القطع ، بل على أساس أمر الشارع باتباع خبر الثقة ، فقد دلت أدلة شرعية عديدة على ذلك ، ويأتى بيانها فى حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى.
ومن تلك الادلة آية النبأ وهى قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا » ... الاية (١) ، فانه يشتمل على جملة شرطية
__________________
(١) الحجرات ٦.