القطع بصدور التكليف منه ، وهنا نتساءل من جديد ما معنى المولى؟ والجواب أن المولى هو من له حق الطاعة أى من يحكم العقل بوجوب امتثاله واستحقاق العقاب على مخالفته ، وهذا يعنى ان الحجية ( التى محصلها كما تقدم حكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالفة ) قد افترضناها مسبقا بمجرد افتراض أن الامر مولى ، فهى إذن من شؤون كون الامر مولى ، ومستبطنة فى نفس افتراض المولوية ، فحينما نقول : إن القطع بتكليف المولى حجة أى يجب امتثاله عقلا كأننا قلنا : إن القطع بتكليف من يجب امتثاله يجب امتثاله ، وهذا تكرار لما هو المفترض ، فلا بد أن نأخذ نفس حق الطاعة والمنجزية المفترضة فى نفس كون الامر مولى لنرى مدى ما للمولى من حق الطاعة على المأمور ، وهل له حق الطاعة فى كل ما يقطع به من تكاليفه ، أو أوسع من ذلك بأن يفترض حق الطاعة فى كل ما ينكشف لديه من تكاليفه ولو بالظن أو الاحتمال ، أو أضيق من ذلك بأن يفترض حق الطاعة فى بعض ما يقطع به من التكاليف خاصة؟ وهكذا يبدو أن البحث فى حقيقته بحث عن حدود مولوية المولى ، وما نؤمن به له مسبقا من حق الطاعة ، فعلى الاول تكون المنجزية ثابتة فى حالات القطع خاصة ، وعلى الثانى تكون ثابتة فى كل حالات القطع والظن والاحتمال ، وعلى الثالث تكون ثابتة فى بعض حالات القطع.
والذى ندركه بعقولنا أن مولانا سبحانه وتعالى له حق الطاعة فى كل ما ينكشف لنا من تكاليفه بالقطع أو بالظن أو بالاحتمال ما لم يرخص هو نفسه فى عدم التحفظ ، وهذا يعنى أن المنجزية ليست ثابتة للقطع بما هو قطع بل بما هو انكشاف ، وأن كل انكشاف منجز مهما