كانت درجته ما لم يحرز ترخيص الشارع نفسه فى عدم الاهتمام به.
نعم كلما كان الانكشاف بدرجة أكبر كانت الادانة وقبح المخالفة أشد ، فالقطع بالتكليف يستتبع لا محالة مرتبة أشد من التنجز والا دانة لانه المرتبة العليا من الانكشاف.
وأما القضية الثانية وهى : إن المنجزية لا تنفك عن القطع بالتكليف ، وليس بإمكان المولى نفسه أن يتدخل بالترخيص فى مخالفة القطع وتجريده من المنجزية. فهى صحيحة ، ودليلها : أن هذا الترخيص إما حكم واقعى أو حكم ظاهرى ، والاول مستحيل لان التكليف الواقعى مقطوع به ، فاذا ثبتت أيضا إباحة واقعية لزم اجتماع الضدين ، لما تقدم من التنافى والتضاد بين الاحكام التكليفية الواقعية ، والثانى مستحيل أيضا لان الحكم الظاهرى كما تقدم ما اخذ فى موضوعه الشك ولا شك مع القطع.
وبهذا يظهر أن القطع لا يتميز عن الظن والاحتمال فى أصل المنجزية ، وإنما يتميز عنهما فى عدم إمكان تجريده عن تلك المنجزية ، لان الترخيص فى مورده مستحيل كما عرفت ، وليس كذلك فى حالات الظن والاحتمال ، فان الترخيص الظاهرى فيها ممكن لانه لا يتطلب أكثر من فرض الشك والشك موجود ، ومن هنا صح أن يقال : إن منجزية القطع غير معلقة بل ثابتة على الاطلاق ، وإن منجزية غيره من الظن والاحتمال معلقة لانها مشروطة بعدم إحراز الترخيص الظاهرى فى ترك التحفظ.