البحث في جملةٍ من المسائل ، وتستحدث مصطلحاتٍ لم تكن ، تبعاً لما تتكوّن من مسالك ومبانٍ ، ومن الضروريّ أن تنال الكتب الدراسية حظّاً مناسباً لها من هذه الأفكار والتطوّرات والمصطلحات ؛ لئلاّ يفاجَأ بها الطالب في بحث الخارج دون سابق إعداد.
وهكذا يوجد الآن فاصل معنويّ كبير بين محتويات الكتب الدراسية الأربعة وبين أبحاث الخارج ، فبينما بحث الخارج يمثّل حصيلة المائة عام الأخيرة من التفكير والتحقيق ، ويعبّر بقدر ما يُتاحُ للُاستاذ من قدرةٍ عن ذروة تلك الحصيلة نجد أنّ كتب السطح تمثّل في أقربها عهداً الصورة العامّة لعلم الاصول قبل قرابة مائة عام ، ساكتةً عن كلّ ما استجدّ خلال هذه الفترة من أفكارٍ ومصطلحات. ونذكر على سبيل المثال لما استجدّ من مطالب : أفكار باب التزاحم ، وما أشاده الميرزا من مسلك جعل الطريقية بتعميقاته وتفريعاته في مسائل قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي ، وحكومة الأمارات على الاصول ، ورفع قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ بجعل الحجيّة ، وفكرة جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية بآثارها الممتدّة في كثيرٍ من أبحاث علم الاصول ، كبحث الواجب المشروط والشرط المتأخّر ، والواجب المعلّق ، وأخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم ، والوجه الجديد لبحث المعاني الحرفية الذي يختلف اختلافاً أساسياً عن الصورة الغريبة التي تخلقها آراء صاحب الكفاية في ذهن الطالب.
فإنّ هذه المطالب وغيرها ممّا أصبحت تشكّل محاور للفكر الاصوليّ الحديث هي نتاج الفترة المتأخّرة الذي يظلّ طالب السطوح جاهلاً به تماماً ، إلى أن يواجه أبحاث الخارج وهو لا يملك تصوّراتٍ ابتدائية أو وسطى عن تلك المطالب.
فالطالب لكي يتسلّل من كتب السطح إلى درس الخارج كأ نّه يكلّف بطفرة ، وبأن يقطع في لحظةٍ مسافةً لم يقطعها علم الاصول خلال تطوّره التدريجيّ إلاّفي مائة عام.
وكأنّ اختيار الكتب الدراسية من مراحل مختلفةٍ للفكر الاصوليّ نشأ من الشعور بلزوم التدرّج في الكتب الدراسية من الأبسط إلى الأعمق ، ولمّا كان علم