نادمين » (١).
وتقريب الاستدلال : أن الجملة فى الاية الكريمة شرطية ، والحكم فيها هو ( الامر بالتبين ) ، وموضوع الحكم ( النبأ ) وشرطه ( مجىء الفاسق به ) ، فتدل بالمفهوم على إنتفاء وجوب التبين عن النبأإذا انتفى الشرط ولم يجىء به الفاسق ، وهذا يعنى أنه لا يجب التبين فى حالة مجىء العادل بالنبأ ، وليس ذلك إلا لحجيته.
وقد نوقش فى الاستدلال المذكور بوجهين :
الاول ، أن مجىء الفاسق بالنبأ شرط محقق للموضوع لانه هو الذى يحقق النبأ ، وليس للجملة الشرطية مفهوم إذا كان الشرط مسوقا لتحقق الموضوع ، كما تقدم فى بحث مفهوم الشرط.
وحاول صاحب الكفاية أن يدفع هذه المناقشة بدعوى أنهاإنما تتم على الافتراض المتقدم فى تعيين الموضوع والشرط ، وأما إذا قيل بأن الموضوع هو ( الجائى بالنبأ ) ، والشرط هو ( الفسق ) ، كانت الابة فى قوة قولنا : ( إذا كان الجائى بالنبأ فاسقا فتبينوا ). ومن الواضح حينئذ أن الشرط هنا ليس محققا للموضوع ، فيتم المفهوم.
ولكن مجردإمكان هذه الفرضية لا يكفى لتصحيح الاستدلال ما لم يثبت كونها هى المستظهرة عرفا من الاية الكريمة.
الثانى : أن الحكم بوجوب التبين معلل فى الاية الكريمة بالتحرز من الاصابة بجهالة ، والعلة مشتركة بين أخبار الاحاد ، لان عدم العلم ثابت فيها جميعا ، فتكون بمثابة القرينة المتصلة على إلغاء المفهوم.
__________________
(١) سورة الحجرات : ٦.