وأجيب عن ذلك :
تارة بأن الجهالة ليست مجرد عدم العلم ، بل تستبطن السفاهة ، وليس فى العمل بخبر العادل سفاهة ، لان سيرة العقلاء عليه.
وأخرى بأن المفهوم أخص من عموم التعليل ، لانه يقتضى حجية خبر العادل بينما التعليل يدل على عدم حجية كل ما هو غير علمى ، ويشمل باطلاقه خبر العادل ، فليكن المفهوم مقيدا لعموم التعليل.
وثالثة : بأن المفهوم مفاده أن خبر العادل لا حاجة إلى التبين بشأنه لانه بين واضح ، وهذا يعنى افتراضه بمثابة الدليل القطعى ، والامر بالتعامل معه على أساس أنه بين ومعلوم ، وبهذا يخرج عن موضوع عموم التعليل ، لان العموم فى التعليل موضوعه عدم العلم. فإذا كان خبر العادل واضحا بينا بحكم الشارع فهو علم ولا يشمله التعليل.
ومنها : آية النفر ، وهى قوله تعالى : « وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون » (١).
وتقريب الاستدلال بها أنها تدل على مطلوبية التحذر عند الانذار بقرينة وقوع الحذر موقع الترجى بدخول لعل عليه ، وجعله غاية للانذار الواجب ، ومقتضى الاطلاق كون التحذر واجبا عند الانذار ولو لم يحصل العلم من قول المنذر ، وهذا يكشف عن حجية إخبار المنذر.
والجواب على ذلك :
أولا : أن وجوب التحذر عند الانذار لا يكشف عن كون الحذر
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٢.