القبول مع عدم العلم يساوق حكم الشارع بالحجية.
والجواب على ذلك :
أولا : أن الكتمان إنما يصدق فى حالة الاخفاء مع توفر مقتضيات الوضوح والعلم ، فلا يشمل الاطلاق المذكور عدم الاخبار فى مورد لا تتوفر فيه مقتضيات العلم.
وثانيا : أن تعميم حرمة الكتمان لعله بدافع الاحتياط من قبل المولى لعدم إمكان إعطاء قاعدة للتمييز بين موارد ترتب العلم على الاخبار وغيرها ، فان الحاكم قد يوسع موضوع حكمه الواقعى بدافع الاحتياط ، وهذا غير الامر بالاحتياط.
ومنها آية السؤال من أهل الذكر ، وهى قوله تعالى : « وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكرإن كنتم لا تعلمون » (١).
وتقريب الاستدلال : أن الامر بالسؤال يدل باطلاقه على وجوب قبول الجواب ولو لم يفد العلم ، لانه بدون ذلك يكون الامر بالسؤال فى حال عدم إفادة الجواب للعلم لغوا ، وإذا وجب قبول الجواب ولو لم يفد العلم ، ثبتت الحجية.
وقد اتضح الجواب مما سبق إضافة إلى أن الامر بالسؤال فى الاية ليس ظاهرا فى الامر المولوى لكى يستفاد منه ذلك ، لانه وارد فى سياق الحديث مع المعاندين والمتشككين فى النبوة من الكفار ، ومن الواضح أن هذا السياق لا يناسب جعل الحجية التعبدية ، وإنما يناسب الارشادإلى الطرق التى توجب زوال التشكك ، ودفع الشبهة بالحجة القاطعة ، لان
__________________
(١) سورة النحل : ٤٣.