سليمةً ووافيةً بالمعنى ، ولكن لم نحاول جعلها حديثة ، ولهذا جاء التعبير في الحلقتين العاليتين مقارباً في روحه العامّة للتعبير المألوف في الكتب العلمية الاصولية ، وإن تميّز عنه بالسلامة والوضوح ووفاء العبارة بالمعنى ، وليس ذلك لعدم إيماننا بأهمّية تنشئة الطالب الحوزويّ على أساليب التعبير الحديث ، بل لاعتبارين آخرين قدَّمناهما على ذلك :
أحدهما : أنّنا نريد أن نمكِّن الطالب تدريجاً من الرجوع إلى الكتب العلمية الاصولية القائمة فعلاً وفهمها ، وهذا لا يتأتّى إلاّإذا خاطبناه بعبارةٍ قريبةٍ من مفردات تلك الكتب ، ولقّنَّاه من خلال الحلقات الثلاث المطالب الاصولية بنفس المصطلحات التي تستعملها تلك الكتب ، حتى ولو كانت هذه المصطلحات تشتمل على خطاً في تركيبها اللفظي. وأمّا إذا كتبنا الحلقات الثلاث بأساليب التعبير الحديث ووضعنا بديلاً مناسباً عن المصطلحات القديمة فسوف تنقطع صلة الطالب بمراجع هذا العلم وكتبه ، ويتعسّر عليه الرجوع اليها ، وهذا يشكّل عقبةً كبيرةً تواجه نموّه العلمي. وعلى هذا الأساس اكتفينا من التجديد في أساليب التعبير الاصولي بما انجِز في الحلقة الاولى ، وانتقلنا بالطالب في الحلقتين العاليتين إلى أرضيةٍ لغويةٍ قريبةٍ ممّا هو مألوف في كتب الاصول.
والاعتبار الآخر : أنّ الكتب الدراسيّة الاصوليّة والفقهيّة المكتوبة باللغة العربيّة تتميَّز عن أيِّ كتابٍ درا سيٍّ عربيٍّ في العلوم المدنيّة بأنّها كتبٌ لا تختصّ بأبناء لغةٍ دون لغة ، وكما يدرسها العربيّ كذلك يدرسها الفارسيّ والهنديّ والأفغانيّ وغيرهم من أبناء الشعوب المختلفة في العالم الإسلامي ، على الرغم من كونها كتباً عربية ، وهؤلاء يتلقَّون ثقافتهم العربية من المصادر القديمة التي لا تهيّئ لهم قدرةً كافيةً لفهم اللغة العربيّة بأساليبها الحديثة ، فما لم يحصل بصورةٍ مسبقةٍ تطوير وتعديل في أساليب تثقيف هؤلاء وتعليمهم اللغة العربية يصعب اتّخاذ أساليب التعبير الحديث أساساً للتعبير في الكتب الدراسيّة الاصوليّة.
تاسعاً : أشرنا آنفاً إلى أنَّا حرصنا على سلامة العبارة ، وأن تكون واضحةً وافيةً بالمعنى ، ولكنّ هذا لا يعني أن تُفهَم المطالب من العبارة رأساً ، وإنّما توخّينا الوضوح