المذكورة ، ولكن لا موجب للاقتصار على المتيقن ، بل نتمسك بالاطلاق لاثبات الاحتمال الاخير ، فيكون معنى الاية الكريمة ، أن الله لا يكلف مالاإلا بقدر ما رزق وأعطى ، ولا يكلف بفعل إلا فى حدود ما أقدر عليه من أفعال ، ولا يكلف بتكليف إلا إذا كان قد آتاه وأوصله إلى المكلف ، فالايتاء بالنسبة إلى كل من ( المال ) و ( الفعل ) و ( التكليف ) بالنحو المناسب له. فينتج أن الله تعالى لا يجعل المكلف مسؤولا تجاه تكليف غير واصل وهو المطلوب.
وقد اعترض الشيخ الانصارى على هذا الاستدلال ، بأن إرادة الجامع من اسم الموصول غير ممكنة ، لان اسم الموصول حينئذ بلحاظ شموله للتكليف يكون مفعولا مطلقا ، وبلحاظ شموله للمال يكون مفعولا به ، والنسبة بين الفعل والمفعول المطلق تغاير النسبة بين الفعل والمفعول به ، فان الاولى هى نسبة الحدث إلى طور من أطواره ، والثانية هى نسبة المغاير إلى المغاير ، فيلزم من استعمال الموصول فى الجامع إرادة كلتا النسبتين من هيئة ربط الفعل بمفعوله ، وهو من استعمال اللفظ فى معنيين ، مع أن كل لفظ لا يستعمل إلا فى معنى واحد.
ومنها : قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (١).
وتقريب الاستدلال بالاية الكريمة ، أنها تدل على أن الله تعالى لا يعذب حتى يبعث الرسول ، وليس الرسول إلا كمثال للبيان ، فكأنه قال : لا عقاب بلا بيان.
ويمكن الاعتراض على هذا الاستدلال بأن غاية ما يقتضيه نفى
__________________
(١) سورة الاسراء : ١٥.