العقاب فى حالة عدم صدور البيان من الشارع لا فى حالة صدوره وعدم وصوله إلى المكلف ، لان الرسول إنما يؤخذ كمثال لصدور البيان من الشارع لاللوصول الفعلى إلى المكلف. وما نحن بصدده إنما هو التأمين من ناحية تكليف لم يصل إلينا بيانه حتى ولو كان هذا البيان قد صدر من الشارع.
ومنها : قوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة ، أو دما مسفوحا ، أو لحم خنزير ، فانه رجس ، أو فسقا أهل لغير الله به ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم ) (١).
وتقريب الاستدلال بالاية الكريمة : أن الله تعالى لقن نبيه (ص) كيفية المحاجة مع اليهود ، فيما يرونه محرما ، بأن يتمسك بعدم الوجدان ، وهذا ظاهر فى أن عدم الوجدان كاف للتأمين.
ويرد عليه أن عدم وجدان النبى فيما اوحى إليه يساوق عدم الوجود الفعلى للحكم ، فكيف يقاس على ذلك عدم وجدان المكلف المحتمل أن يكون بسبب ضياع النصوص الشرعية.
ومنها : قوله تعالى : ( وما كان الله ليضل قوما بعدإذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شىء عليم ) (٢).
وتقريب الاستدلال بالاية الكريمة أن المراد بالاضلال فيها ، إما تسجيلهم ضالين ومنحرفين ، وإما نوع من العقاب ، كالخذلان والطرد من أبواب الرحمة ، وعلى أى حال فقد أنيط الاضلال ببيان ما يتقون
__________________
(١) سورة الانعام : ١٤٥.
(٢) سورة التوبة : ١١٥.