لهم ، وحيث أضيف البيان لهم فهو ظاهر فى وصوله إليهم ، فمع عدم وصول البيان لا عقاب ولا ضلال ، وهو معنى البراءة.
وأما الروايات فعديدة أيضا.
منها : ما روى عن الصادق عليهالسلام من قوله : ( كل شى مطلق حتى يردفيه نهى ) (١). والاطلاق يساوق السعة والتأمين ، والشاك يصدق بشأنه أنه لم يرده النهى فيكون مؤمنا عن التكليف المشكوك ، وهو المطلوب.
وقد يعترض على هذا الاستدلال بأن الورود تارة يكون بمعنى الصدور ، وأخرى بمعنى الوصول ، فاذا كان مفاد الرواية جعل صدور النهى غاية فلا يتم الاستدلال ، لان الشاك يحتمل صدور النهى وتحقق الغاية ، وإذا كان مفادها جعل وصول النهى إلى المكلف غاية ثبت المطلوب ، ولكن لا معين للثانى فلا يمكن الاستدلال بالرواية المذكورة.
وقد يجاب على ذلك بأن الورود دائما يستبطن حيثية الوفود على شىء فلا يطلق على حيثية الصدور البحتة.
ولكن مع هذا لا يتم الاستدلال إذ لم يعلم أن الملحوظ فيه وفود النهى على المكلف المساوق لوصوله إليه ، بل لعل الملحوظ وفوده على الشىء نفسه ، كما يناسبه قوله يرد فيه نهى ، فكأن النهى يرد على المادة فهناك مورود عليه ومورود عنه بقطع النظر عن المكلف ، وهذا يعنى أن الغاية صدور النهى من الشارع ووقوعه على المادة ، سواء وصل إلى المكلف أولا ، فلا يتم الاستدلال.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، ب ١٢ من ابواب صفات القاضى ، الحديث ٦٠.