ومنها : حديث الرفع وهو الحديث المروى عن النبى (ص) ، ومفاده : رفع عن أمتى تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما اكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر فى الوسوسة فى الخلق ما لم ينطق بشفة (١).
وتقريب الاستدلال بفقرة ( رفع ما لا يعلمون ) يتم على مرحلتين :
الاولى : أن هذا الرفع يوجد فيه بدوا احتمالان :
أحدهما : أن يكون رفعا واقعيا للتكليف المشكوك ، فيكون الحديث مقيدا ومخصصا لاطلاق أدلة الاحكام الواقعية الالزامية بفرض العلم بها.
والاخر : أن يكون رفعا ظاهريا ، بمعنى تأمين الشاك ونفى وجوب الاحتياط عليه ، فى مقابل وضع التكليف المشكوك وضعا ظاهريا بايجاب الاحتياط تجاهه. وكل من الاحتمالين ينفع لاثبات السعة ، لان التكليف المشكوك منفى إما واقعا ، وإما ظاهرا ، ولكن الاحتمال الاول ساقط ، لانه يؤدى إلى تقيد الاحكام الواقعية الالزامية بالعلم بها ، وقد سبق أن أخذ العلم بالحكم قيدا لنفس الحكم مستحيل.
فان قيل : أو لستم قلتم بامكان أخذ العلم بالجعل فى موضوع المجعول؟.
قلنا : نعم. ولكن ظاهر الحديث أن المرفوع والمعلوم شىء واحد ، بمعنى أن الرفع والعلم يتبادلان على مركز واحد ، فاذا افترضنا أن العلم بالجعل مأخوذ فى موضوع المجعول ، فهذا معناه أن العلم لوحظ متعلقا
__________________
(١) الوسائل ج ١١ ب ٥٦ من أبواب جهاد النفس الحديث ١.