بالجعل ، وأن الرفع إنما هو رفع للمجعول بتقييده بالعلم بالجعل ، وهذا خلاف ظاهر الحديث ، فلا بدإذن من افتراض أن الرفع يتعلق بالمجعول ، وكذلك العلم فكأنه قال : الحكم المجعول مرفوع حتى يعلم به. وعلى هذا الاساس يتعين حمل الرفع على أنه ظاهرى لا واقعى ، وإلا لزم أخذ العلم بالمجعول قيدا لنفس المجعول وهو محال.
الثانية : أن الشك فى التكليف تارة يكون على نحو الشبهة الموضوعية ، كالشك فى حرمة المائع المردد بين الخل والخمر ، وأخرى يكون على نحو الشبهة الحكمية ، كالشك فى حرمة لحم الارنب مثلا ، وعليه فالرفع الظاهرى فى فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) قد يقال باختصاصه بالشبهة الموضوعية ، وقد يقال باختصاصه بالشبهة الحكمية ، وقد يقال بعمومه لكلتا الشبهتين.
أما الاحتمال الاول فقد استدل عليه بوحدة السياق لاسم الموصول فى الفقرات المتعددة ، إذ من الواضح أن المقصود منه ، فيما اضطرواإليه ونحوه الموضوع الخارجى ، أو الفعل الخارجى ، لا نفس التكليف. فيحمل ما لا يعلمون على الموضوع الخارجى أيضا ، فيكون مفاد الجملة حينئذ ، أن الخمر غير المعلوم مرفوع الحرمة ، كما أن الفعل المضطر إليه مرفوع الحرمة ، فلا يشمل حالات الشك فى أصل جعل الحرمة على نحو الشبهة الحكمية.
والتحقيق أن وحدة السياق إنما تقتضى كون مدلول اللفظ المتكرر واحدا فى السياقالواحد ، لا كون المصاديق من سنخ واحد ، فاذا افترضنا أن اسم الموصول قد استعمل فى جميع تلك الفقرات فى معناه العام المبهم ، غير أن مصداقه يختلف من جملة إلى اخرى باختلاف صفاته لم تنثلم بذلك وحدة السياق فى مرحلة المدلول الاستعمالى.