والرحيم اسمٌ عامٌّ بصفة خاصّة » (١).
وقال عيسى بن مريم عليهالسلام : « الرحمن رحمن الدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة » (٢).
وفي كثير من الأدعية : « يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة » (٣) وفي بعضها : « يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ».
فقد دلّت هذه الروايات على أنَّ الرحمة الرحمانيّة تشمل الفرق الكافرة والمؤمنة ، كما تشمل النعم الظاهرة والباطنة ، من إحسان الخلق والإتقان والتوفيق للهداية والإيمان ، وإليه الإشارة بقوله تعالى ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٤).
وأمّا الرحمة الرحيمية بمعنى التوفيق في الدنيا والدين ، فهي مختصّة بالمؤمنين ، وأمّا ما في تفسير الإمام عليهالسلام من شمولها للكافرين حيث قال عليهالسلام في موضع آخر : « الرحيم : بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته ، وبعباده الكافرين في الرفق بهم في دعائهم إلى موافقته. قال : « وإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال : [ الرحمن هو العاطف على خلقه بالرزق ] (٥) » (٦). فلا ينافي ما ذكرناه ؛ لأنَّه ظاهر بل صريح في أنَّ الرحمة بهم إنّما هو من أجل الرفق بهم في الدنيا برزقه إيّاهم ، أو بدعوتهم إلى الإيمان ، وتعريضه إيَّاهم لما يوجب لهم الرضوان وإنْ خالفوه وأطاعوا ناعق الشيطان وداعي الطغيان.
وأمّا ما في بعض الأدعية من قولهم عليهمالسلام : « يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما » (٧) ، و « يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا » فلعلّه مبنيٌّ على التوسّعات واختلاف الاعتبارات.
وأمّا حمل الثاني على ما مرّ من زيادة الرحمن على الرحيم باعتبار الكيف ، لجسامة نِعَم الآخرة بأجمعها بخلاف نعم الدنيا.
ففيه : أنَّ الرحمة الأُخروية كما هي زائدة على الرحمة الدنيوية كيفاً ؛ لجسامتها
__________________
(١) تفسير الصافي ١ : ٨١ ، وفيه : « الصفة » في الموضعين بدل « بصفة » ، مجمع البيان ١ : ٢٢.
(٢) التفسير الصافي ١ : ٨١ ، مجمع البيان ١ : ٢٢. (٣) البحار ٨٨ : ٣٥٥ / ١٩.
(٤) طه : ٥.
(٥) في المخطوط : ( وإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال : في تخفيفه عليهم طاعته إلى موافقته ، وبعباده الكافرين في الرزق وفي دعائهم ).
(٦) تفسير الامام العسكري عليهالسلام : ٣٤ / ١٢.
(٧) البحار ٩٥ : ٧٣.