وهذا أحد الوجهين في صحّة إطلاق بعض الصفات على الملك المتعال ، وإليه الإشارة بما في أخبار الآل : « إنّما سُمّي عالماً ؛ لهبته العلم للعالمين » (١) « ولطيفاً ؛ لخلقه الشيء اللطيف وعلمه به » (٢) ، والله العالم بحقيقة الحال.
والفرقُ بين هذين الوصفين من وجهين :
الأوّل : أنّ الأوّل أبلغُ من الثاني ؛ لأنّ زيادة المباني تدلّ غالباً على زيادة المعاني ، كما في ( تبيان وبيان ، وقطَّع وقطع ، وغلَّق وغلَق ) وإنْ انعكس في بعض الموارد كحذِر وحاذِرِ.
وإنّما صار أبلغ منه لزيادته عليه كيفاً وكمّاً ، أمّا كيفاً فلأنّ معنى الرحمن هو المعطي لجلائل النعم ، والرحيم هو المعطي لصغائرها بالنسبة إلى الجلائل وإنْ كانت كلّها جلائل بالنسبة إلى صدورها منه تعالى ، كذا قيل.
وأمّا كمّاً فلأنّ الرحمة الرحمانيّة عامّةٌ لجميع الخلق من المؤمنين والكافرين ، بخلاف الرحمة الرحيمية فإنّها مختصّة بالمؤمنين ، قال تعالى ( وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (٣) ، وفي تفسير الإمام عليهالسلام : « فأمّا الرحيم فإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال : رحيمٌ بعباده المؤمنين » (٤).
وفيه أيضاً : « الرحمن العاطف على خلقه بالرزق ، ولا يقطع عنهم موادّ رزقه وإنْ انقطعوا عن طاعته » (٥).
وفي ( الكافي ) و ( التوحيد ) و ( المعاني ) و ( تفسير العياشي ) و ( القمّي ) عن الصادق عليهالسلام : « الرحمن بجميع خلقه ، والرحيم بالمؤمنين خاصّة » (٦).
وفي ( الصافي ) عن ( المجمع ) قال الصادق عليهالسلام : « الرحمن اسم خاصٌّ بصفة عامّة ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ( ميثم البحراني ) ١ : ١١٠ ، باختلاف.
(٢) شرح نهج البلاغة ( ميثم البحراني ) ١ : ١١٠ ، باختلاف.
(٣) الأحزاب : ٤٣.
(٤) الأحزاب : ٤٣.
(٥) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٤ / ١٢.
(٦) الكافي ١ : ١١٤ / ١ ، التوحيد : ٢٣٠ / ٢ ، معاني الأخبار : ٣ / ١ ، وفيه : « لجميع العالم » بدل « بجميع خلقه » ، تفسير العياشي ١ : ٣٦ / ١٩ وفيه : « العالم » بدل « خلقه » ، تفسير القمّي ١ : ٥٦.