كغفران ذنب التائب ، أو جسماني كاللذات الجسمانيّة المستجلبة بالطاعات ، وإمّا دنيوي موهبي روحاني كإفاضة العقل ، أو جسماني كخلق الأعضاء ، وإمّا دنيوي كسبي روحاني ، كتحلية النفس بالأخلاق الزكية ، وتحليتها بالفضائل العلية ، وتخليتها من الرذائل الرديّة الدنيَّة ، أو جسماني [ كتزين (١) ] البدن بالهيئات المطبوعة ، وهو المراد هنا.
كما أنَّ الفضل كما في ( القاموس ) : ( ضدّ النقص ) (٢) والبقية ، إلّا إنَّ المراد به هنا : ( ابتداء الإحسان بلا علّة ) ، كما في كتاب ( التعريفات والاصطلاحات ) (٣).
والظاهر أنَّ ما ذكره في ( القاموس ) معناهما اللغوي ، وما ذكرناه معناهما العرفيّ ، وهو المعنى المناسبُ للمقام.
وإنّما عقَّبَ الحمد بالشكر في قوله : ( وإيَّاه أشكرُ استسلاماً لعزَّتِهِ والشكرُ طَوْلُه ) جمعاً بين الوظيفتين ، وإحرازاً للفضيلتين ، وللإشعار باستحقاقه جلّ شأنه الحمدَ على كلّ حال ومقام ، سواء وصلت النعمة إلى الحامد ، أو اتّصلت بغيره من الأنام ، منبِّهاً بتقديم الحمد على الاعتناء بشأنه ، إذ هو للشكر مدارٌ ونظام ؛ ولهذا ورد عن النبيّ عليه وآله أفضل الصلاة والسلام : « الحمدُ رأسُ الشكرِ ، ما شكر الله مَنْ لم يحمده » (٤).
وهو وإنْ كان من طرق العوام إلَّا إنّه متلقًّى بالقبول عند علمائنا الأعلام (٥).
ومعناه أنَّ ذكر النعمة والثناء على المنعم باللسان أشْيعُ لها ، وأدلُّ على مكانها ، وأظهر لشأنها من ذكرها بالجنان والأركان ، ولكون اللسان مُظهراً لما انطوى عليه الجنان لخفاء حقيقة الاعتقاد ، بخلاف عمل اللسان الذي هو النطق المفصح عن خفيِّ المراد ، مشيراً بتقديم المشكور إلى انحصار الشكر فيه وقصره عليه ؛ لرجوع النعم كلّها إليه. ولهذا اعترف بأنَّ حمدَه من جملة فضله الواسع العميم ، وشكره من بعض مَنِّه وجوده العظيم ، فلا محمودَ سواه ولا مشكورَ في الحقيقة عداه.
__________________
(١) في المخطوط كلمة غير مقروءة.
(٢) القاموس المحيط ٤ : ٤٢. باب اللام فصل الفاء.
(٣) كتاب التعريفات : ٧٢.
(٤) كنز العمّال ٣ : ٢٥٥ / ٦٤١٩ ، باختلاف فيه.
(٥) كنز الدقائق ١ : ٤٤.