الصرْف المذكور فعلاً واحداً لم ينحصر الشكر اللغوي في اللسان أو الجنان أو الأركان ، بل كان المجموع قسماً رابعاً ، بل كلُّ اثنين قسماً آخر.
اللهمّ إلّا أنْ يمنع بطلان اللازم أو يجعل التقسيم هناك لمنع الخلوّ لا الجمع.
وربّما يجعل اللغوي أخصّ ؛ نظراً إلى أنَّه لا يقع إلّا بإزاء النعمة ، وعموم العرفي لها ولغيرها من سائر الكمالات كما هو ظاهر تعريفه ؛ لعدم إشعاره بكونه بإزاء النعمة.
وفيه : منع عموم العرفي لغيرها لاعتبار الإنعام فيه أيضاً ؛ لأنّ تعريفه بصَرْف العبد جميع ما أنعم الله به عليه ينادي باعتبار الإنعام.
اللهمَّ إلّا أن يكون مراده أنَّه لم يذكر في الشكر العرفي مقابلة للإنعام كما ذكر في اللغوي ، ولكنَّه لا يثبت إلّا العموم من وجه لا العموم مطلقاً ؛ إذ لا ينكر عموم الشكر اللغوي من جهات شتّى :
منها : أنَّ فعل كلّ من اللسان أو الجنان أو الأركان على جهة الانفراد يكون شكراً لغويّاً لصدق تعريفه عليه ، بخلاف العرفي لعدم صدق شيء منها على أنَّه صَرْف الجميع في الجميع ؛ لأنَّه جزءٌ منه ولا يصدق الكلّ على جزئه الخارجي ، فيوجد اللغوي بدون العرفي وهو قرينة العموم. وإنَّ المُنْعم المذكور في تعريف اللغوي لم يقيّد بكونه منعماً مخصوصاً على الشاكر لا غيره ، بخلاف العرفي إذ اعتُبر فيه الخصوصيّتان ، فيكون اللُّغويّ أعمّ مطلقاً.
وربّما يمنع العموم والخصوص المطلق بين الشكْرَين بحسب الحمل والصدق ، لا الوجود والتحقّق :
أمَّا الأوّل ؛ فلأنّ الشكر اللُّغوي كصرف أحد آلات العرفي جزءٌ خارجيٌّ من صَرْف الجميع الذي هو العرفي ، فلا يحمل عليه ؛ لامتيازه في الوجود الخارجي عن سائر الأجزاء والآلات. وبين الكلّ وجزئه تباين لا عموم وخصوص ؛ لحمل العامّ على الخاصّ ، وعدم حمل الجزء الخارجي على كلّه.
وأمّا الثاني ؛ فلأعمّيّة الجزء الخارجي مطلقاً من كلِّه ؛ لاستلزام وجود الكلِّ وجودَ