وثالثاً : أنَّ هذا لو تمّ لكان دليلاً للطائفة الأُولى القائلة بعدم احتياج هذه الهيئة التركيبيّة إلى تقدير الخبر ؛ لدلالة ( لا ) عليه.
هذا كلّه مضافاً إلى استلزام قولهم : إنَّ السلب فرع الوجود ، وجود إله معبود غير واجب الوجود.
اللهم إلّا أنْ يكتفوا بوجوده بحسب دعوى ذوي الجحود.
وأمَّا جعل بعضهم النكتة المصحّحة للحذف ؛ إنّ ( لا ) لمّا كانت للسلب ولم تقم قرينةٌ على خصوص المسلوب صُرف إلى العامّ ؛ لأنّ عدم قرينة الخصوص قرينة العموم.
ففيه : أنّه إن أراد بالعامّ اللفظ الصادق على نحو الوجود والكون والحصول والثبوت فهو خروج عن المُدّعى ، وإنْ أراد به مطلق المتعدّد كما هو ظاهر كلامه فلا وجه لجعله نكتة اخرى غير نكتة ذهاب السامع كلّ مذهب ، بل إحداهما عبارة أُخرى عن الأُخرى.
وأمّا الثانية ، فهي أنَّ المتكلّم يتحاشى عن ذكر وجود غيره سبحانه ولا يريد أنْ يلوّث بذكره لسانه ، بل يريد أنْ يفرغ بسرعة عن السلب الذي هو بمنزلة العدم الذي هو شرّ محض إلى الإيجاب الذي هو كالوجود الذي هو خير محض ، وليذهب السامع كلّ مذهب ممكن.
أقول : هذه النكتة لا ضير فيها ولا تثريب على ذاكريها ، ثمّ اختلف هؤلاء في تقدير المحذوف على أقوال :
فمنهم مَنْ قال : إنّه موجود.
وأُورد عليه : بأنَّه وإنْ استلزم وجوده تعالى وعدم وجود غيره سبحانه ولكنّه لا ينفي إمكان وجود غيره جلَّ شأنه ، فلا يكون نصّاً في التوحيد المعتبر في الإيمان.
وأجاب عنه بعض المحقّقين ، منهم جمال الدين الخونساري رحمهالله في حاشية شرح الكتاب ، بأنّها حينئذٍ تفيد نفي إمكان المعبود بالحقّ غيره سبحانه ؛ لأنّ المعبود