وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضلُ بعدي لك يا علي وللأئمّة من بعدك ، وإنّ الملائكة لخدّامُنا وخدّام محبّينا.
يا علي ، الذين ( يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) و ( يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (١) بولايتنا.
يا علي ، لولا نحن ما خلق الله آدمَ ولا حوّاء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربّنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه وتمجيده؟ لأنّ أوّل ما خلق الله عزوجل خلق أرواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتحميده ، ثمّ خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا فسبّحنا ؛ لتعلَمَ الملائكة أنّا خلقٌ مخلوقون وأنَّه منزَّهٌ عن صفاتنا ، فسبّحت الملائكة بتسبيحنا ونزَّهته عن صفاتنا. فلمّا شاهدوا عظم شأننا هلّلنا ؛ لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا الله وأنّا عبيدٌ ولسنا بآلهة يجب أنْ نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلّا الله. فلمّا شاهدوا كبر محلِّنا كبَّرنا ؛ لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أنْ ينال عظيمُ المحلِّ إلّا به. فلمّا شاهدوا ما جعله لنا من العزّة والقوّة قلنا : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ؛ لتعلم الملائكة أنْ لا حول ولا قوّة إلَّا بالله. فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله ؛ لتعلم الملائكة ما يحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله. فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.
ثمّ إنَّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً ، وكان سجودهم لله عزوجل عبوديّة ولآدم عليهالسلام إكراماً وطاعةً ؛ لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون (٢)؟ »(٣).
وبهذا المضمون كثير من الأخبار لا تخفى على مَنْ جاس خلال الديار.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة يوم الجمعة والغدير في ذكر بعض أوصاف النبيّ الكبير مشيراً إلى مقام الاصطفاء والتفضيل والاختيار والتبجيل : « وأشهد أنَّ
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى في سورة المؤمن : ٧.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الحجر : ٣٠.
(٣) عيون أخبار الرضا ١ : ٢٦٢ / ٢٢ ، علل الشرائع ١ : ١٥ ـ ١٦ / ١ ، باختلاف يسير.